مقال

الدكروري يكتب عن الاستعانة بالصبر والصلاة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الاستعانة بالصبر والصلاة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الاستعانة بالصبر والصلاة منهج الصالحين، وكما أن الاستعانة بالصبر والصلاة هي مفتاح الفرج والنصر الإلهي، وهذان مرتبطان بعضهما مع بعض، وكذلك التوسل بالصلاة عند المصيبة والبلاء، وهى سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والسلف الصالحين، وذلك لما أخبر عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بأن أحد أمهات المؤمنين توفيت، نزل من الإبل وأدى الصلاة، وكذلك تعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عند البلاء والمصيبة، ولقد أمر الله تعالى في القرآن الكريم أن نقول عند حالة الوفاة ” إنا لله وإنا إليه راجعون” ونتوسل بالصلاة، ونقضي وقتنا مع الله تعالى الذي هو أعظم مؤنس وأرحمهم، وربما حكمته أن الإنسان يأنس مع الرب عند المصيبة أكثر، وكما لا يكفي عند البلاء والتهديد الصلاة، فلا بد من الاستعانة بالصبر.

 

وهذه الاستعانة مؤثرة، وتحقق النصر للإنسان، فإن الصبر يوفر المجال للذكر والشكر، ولا يذكر نعم الله دائما إلا من كان صابرا، وإن الذكر والصبر مرتبطين معا، وأن هناك ارتباط بين “الذكر والشكر، ولا يشكر الله تعالى إلا من يرى النعم من جانبه، ويعترف لسانه بنعم الله تعالى، وإن الكثير من الناس وأصحاب المناصب يثنون على أنفسهم، ويفتخرون بعلمهم وعملهم وهذا بدل ذكر الله تعالى ويتكلمون عن أنفسهم ساعات وساعات، وهنا يقول تعالى “فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم” فالإنسان الذاكر والشاكر يكون صابرا، وكذلك أيضا التواضع والنجاة من البخل كآثار الصبر، وبإمكان الصبر أن ينشىء في الإنسان التواضع، فعلى الإنسان أن يرى نفسه أحد أضعف الكائنات وأعجز المخلوقات، لأن ما يملكه الإنسان.

 

هو من عند الله تبارك وتعالى، فسبحانه القائل “وما بكم من نعمة فمن الله” فليست أي نعمة في الإنسان ملكه الذاتي، وهكذا الصبر ينقذ الإنسان من البخل، وإن الله تعالى سخي وجواد، وحينما يتصدق الإنسان يقترب من هذه الصفة الإلهية، وأيضا لماذا تخافون من التصدق، ولا تثقون بوعود الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؟ لقد وعدكم الله تعالى أن الصدقة لا تنقص من مالكم، بل تزيد في المال، وتبارك فيها، فقال تعالى “وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه” والصبر تجاه المشكلات وتحمل مكاره الناس، من أعظم العبادات، وكذلك الإحسان إلى الوالدين، وصلة الرحم، والترحم على الأهل والأولاد، واحترام الزوجة، وحسن الخلق، من أبرز صفات الإسلام التي تحصل بالصبر والحلم، وإن تعليم الشريعة سبب النجاة من المشكلات، فإن المشكلات كلها تحل بالصبر.

 

ونجاتنا في تعاليم الشريعة، فلا ينبغي أن نعود إلى الجاهلية، فقال تعالى ” فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم” فإن الإنسان الصابر هو من يصبر على الضغوطات، وعن المعاصي والذنوب ومحبة المال، ويؤدي حقوق الناس، وإن الصبر على المشكلات ظاهرها مشقة وباطنها رحمة، فاسألوا الصبر من الله تبارك وتعالى، فإن الصبر سبب للنصر تجاه الأعداء، فقال تعالى “ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين” وإن الله مع الصابرين ويحبهم، وكما أن الدعاء لحل المشكلات لا يتنافى مع الصبر، بل هو من تعاليم الأنبياء، وسبب مرضاة الله تبارك وتعالى، وإن الاستقامة والصبر أفضل طريق لخروج المسلمين من مشكلاتهم في العالم، ويجب أن نعلم أن مطالبة الأمور الدنيوية ومطالبة الحقوق القانونية والعرفية ليست مغايرة للصبر،

 

بل هي من الصبر، وهكذا فإن العبد في هذه الحياة لا يخلو من حالين، إما حصول محبوب أو وقوع مكروه، فالمؤمن الصادق يقابل المحبوب بالشكر، والمكروه بالصبر، ومهما عظمت مصيبتك، وكبر همك، وازداد غمك، فاعلم أن مع العسر يسرا، ومع الكرب فرجا، يخرج صلى الله عليه وسلم من مكة بعد أن أخرجه قومه منها وحاولوا قتله يخرج متخفيا مع صاحبه والقوم يشتدون في طلبه وتتجمع العرب قاطبة على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في المدينة، تستهدف استئصالهم والقضاء عليهم، وينقض اليهود من داخل المدينة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشتد الأمر والكرب لكنه الإيمان الراسخ كالجبال الشم الراسيات بأن مع العسر يسرا، وأن مع الخوف أمنا، وبعد الذل غلبة ونصرا هكذا هو حال المؤمن الموحد الذي يثق بأنه لا مدبر لهذا الكون سوى الواحد الأحد الذي لا تخفى عليه خافية، غسبحانه وتعالى القائل ” الذى يراك حين تقوم وتقلبك فى الساجدين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى