مقال

الدكروري يكتب عن الجامعة النبوية 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الجامعة النبوية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان هناك دور كبير قام به المسجد منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل خدمة العلم والمتعلمين من أبناء الأمة الإسلامية، مما يجعل الإنسان المسلم يفخر به، خاصة في الوقت الذي لم تكن فيه مدارس نظامية، ولم يكن للدولة دخل في العلوم والمعارف التي تدرس، وجزى الله أهل العلم من علماء وفقهاء وأئمة خير الجزاء لما قاموا به من عمل جليل دون أن يسألوا من الناس أجرا، أو من الدولة مرتبا، ومن هنا نستطيع أن نفهم بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن العلم في المسجد مثل ما روي عن أبي هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”

 

والتلاوة اليوم كثيرة في المسجد، أما المدارسة التي هي فهم النص، والانطلاق منه إلى حياة واعدة مشرقة مفعمة بالنهضة، والحركة فهي قليلة، وفي حديث آخر عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من جاء مسجدي هذا، لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك، فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره” وعن سهل بن سعد أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “قد قضى الله فيك وفي امرأتك” قال فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد.

 

فلما فرغا قال كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم” والشاهد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بين الرجل وزوجته في المسجد، وقال ابن قدامة ولا يكره القضاء في الجامع والمساجد، فعل ذلك شريح، والحسن، والشعبي، ومحار ابن دثار، ويحيى بن يعمر، وابن أبي ليلى، وابن خلدة قاض لعمر بن عبد العزيز، وروي عن عمر وعلي وعثمان أنهم كانوا يقضون في المسجد، قال مالك القضاء في المسجد من أمر الناس القديم، وبه قال مالك وإسحاق وابن المنذر، وقال الشافعي يكره ذلك إلا أن يتفق خصمان عنده في المسجد لما روي أن عمر بن الخطاب كتب إلى القاسم بن عبد الرحمن.

 

لا تقض في المسجد لأنه يأتيك الحائض والجنب والذمي، وتكثر غاشيته، ويجري بينهم اللغط والتكاذب والتجاحد، وربما أدى إلى السب وما لم تبن له المساجد” وقال ابن قدامة ولنا إجماع الصحابة بما قد روينا عنهم، وقال الشعبي رأيت عمر بن الخطاب مستندا إلى القبلة يقضي بين الناس ولأن القضاء قربة وطاعة وإنصاف بين الناس، ولا نعلم صحة ما رووه، وقد روي عنه خلافه، وأما الحائض فإن عرضت لها حاجة إلى القضاء وكلت أو أتته في منزله، والجنب يغتسل ويدخل، والذمي يجوز دخوله بإذن مسلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في مسجده مع حاجة الناس إليه للحكومة والفتيا وغير ذلك من حوائجهم، وكان أصحابه يطالب بعضهم بعضا بالحقوق في المسجد، وربما رفعوا أصواتهم.

 

فقد روي عن كعب بن مالك قال تقاضيت ابن أبي حدرد دينا في المسجد حتى ارتفعت أصواتنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأشار إلي ضع من دينك الشطر، فقلت نعم يا رسول الله، فقال “قم فاقضه” فتبين بما تقدم من الأحاديث والآثار جواز القضاء في المساجد، وأن ذلك من فعل السلف الصالح، رضوان الله عليهم، وما دام الأمر جائزا فيعني أن القضاء خارجه يجوز، بل استحبه الشافعي وغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى