مقال

الدكروري يكتب عن الشريعة الإسلامية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشريعة الإسلامية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الشريعة الإسلامية، هي التي يجب أن تكون المسيطرة على كل تطور في نظام المجتمع الإسلامي، وما دام المجتمع يؤمن بعقيدة التوحيد، ولا يرضى غيرها، بل جعلها نبراس حياته العامة والخاصة، واتسم بها سلوك الفرد والجماعة فإن عقيدة التوحيد هذه بكل إشعاعاتها، تسيطر سيطرة تامة على كل جوانب النظام الاجتماعي الإسلامي، وتحدد مقوماته وخصائصه وآدابه ومعاملاته وحقوقه وواجباته، والعلاقات والارتباطات في هذا النظام بكل صوره وأشكاله، ومن هذا كله، يتضح لنا الدور الاجتماعي الذي كان يقوم به المسجد باعتباره جزءا من الدور التربوي الذي يمارسه عموم المجتمع الإسلامي، كما يتضح أن هذا الدور، وهو الدور الاجتماعي سار جنبا إلى جنب، وباتزان بديع مع الأدوار التربوية الأخرى.

 

التي كان يقوم بها المسجد في المجتمع الإسلامي، كما أن للمسجد تأثير بالغ وشامل في حياة الشباب، ويمكن أن يقدم لهم ما عجزت عن تقديمه الأجهزة والمؤسسات الأخرى، كالمنزل والمدرسة ووسائل الإعلام، وبالرغم من أن المسجد منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم مفتوح في وجه جميع المسلمين من مختلف الأعمار فإن له دورا شديد الخصوصية في حياة الشباب ففي أجوائه الربانية تربى الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي قاد جيشا فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من كبار الصحابة، وعمره وقتها سبعة عشر سنة، وغيره من شباب المسلمين، وفى المسجد كان شباب الصحابة يقومون الليل ويتدارسون القرآن ويصلون، وفى النهار يصبحون فرسانا وجنودا في خدمة الدين.

 

وكان المسجد في الماضي منبرا، لمناقشة بعض المشكلات والقضايا الخاصة بالشباب، وخاصة مشكلات الفراغ، وكيفية اغتنامه بكافة الوسائل المشروعة جدية وترويحا، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على من اتخذوا اللعب المباح داخل المسجد سلوكهم التلقائي، وإن منابر المساجد ورحباتها المشرقة، نورت عقولا مؤمنة، ومحت بؤر شرك دامسة، خرجت دعاة مخلصين، وخطباء مفوهين، يأخذون بأزمة القلوب فصاحة ولسنا، ويمتلكون الألباب بلاغة وجزالة كلمات وروعة أسلوب، وبراءة استهلال، وحسن استشهاد، وأما عن الحرمين الشريفين فلا تسأل عن ضخامة إنتاجهما، ونوعية خريجيهما من القوة في العلم والجودة في الأسلوب، والتحقيق، وسعة الأفق، ووفرة الاطلاع ممن بثوا في العالم.

 

فنشروا ما تعلموه، ونقلوه لأفراد المجتمعات ضبطا وإتقانا، وحفظا وتبحرا، ونية خالصة، وحبا لبث العلم في شتى ضروبه للمتعطشين له والمقبلين عليه، وامتدت تلك المراكز التعليمية إلى شتى المساجد الإسلامية فدرس الحديث وعلومه، ونبغ فيها من نبغ من محدثين، وشراح حديث، ومصطلحيين، وجهابذة فطاحل في كل فروع السنة، خرجوا الأحاديث ونقوها، وبينوا صحيحها من سقيمها في المتون والأسانيد، وشرحوا الغريب وأعربوا العويص، وأثروا المكتبة الإسلامية بصنوف المؤلفات كالصحاح والسنن والمسانيد، وطبقات المحدثين، وكتب الغريب وغيرها، ثم دروس الفقه وأصوله وقواعده وتاريخ التشريع التي أخذت حيزا كبيرا من المساجد تدريسا، وحفظ متون، ومناقشات مفيدة.

 

وإفتاء وتأليفا حتى اتسعت دائرة هذه المواد، وتشعبت فروعها، وكثر روادها، ودرست على أرقى مستوى، فبرز فيها من برز، وتفوق فيها من تفوق، وجادت مراكزها بأعلام الفقهاء، ونوابغ الأصوليين، وشيوخ القواعد، وعلماء التشريع الذين ألفوا ودرسوا وأوجدوا نتاجا علميا وفيرا غصت به المكتبات، وخرجوا أجيالا مؤمنة متعلمة تدعو إلى الخير وتصد عن الشر، ولا ننسى اللغة العربية وعلومها فقد درس النحو والصرف، وفقه اللغة، والبلاغة، وغيرها من علوم اللغة في فناءات المساجد المشرفة المباركة، وبرز فيها علماء متخصصون بذلوا جهودهم في إفادة أفراد المجتمع تلقينا، وحفظا، واستشهادا، وشعرا، وإعرابا، واستشفاف ما في الكلام العربي من محاسن بديعية وبيانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى