مقال

الدكروري يكتب عن العلماء والشرع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العلماء والشرع

بقلم / محمــــد الدكـــروري

إن العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان بينا بلا تفصيل بينا، والآن لو أردنا أن نطبق هذه القاعدة، لو فرضنا إنسان له موجه ديني، هذا الموجه أمره أمرا مخالفا للقرآن، أو خلاف السنة، وطبقه، ماذا فعل هذا الإنسان؟ عبده من دون الله، فإن العلماء لا يفتون إلا بما كان فيه دليل قطعي، لذلك روى الإمام الشافعي في كتابه الأم عن القاضى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال “أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون الفتية” وإن الحقيقة أجرؤوكم على الفتية، فقد أجرؤوكم على النار، وأن يقولوا هذا حلال وهذا حرام، كلمة كبيرة جدا، وأن تقول هذا حلال وهذا حرام، طبعا إذا كان هناك دليل يقينى كالشمس تقول له هذا حلال، وإذا قال لك اسرق، تقول له حرام، طبعا القصد هنا الشبهات.

 

قال هؤلاء العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بيّن بلا تفسير، إنما حرم عليكم الميتة أي أكل لحم ميت، فإن كان الشيء بيّنا كالشمس، قل هذا حرام وهذا حلال، وإن كان الشيء مختلفا عليه لا تقل هذا حرام وليس معك دليل، هؤلاء العلماء يخشون أن يفتوا، أن يقولوا هذا حرام وهذا حلال، طبعا إذا كان هناك دليل يقيني أن هذا حلال وهذا حرام فلابأس، إذا قال لك اسرق، تقول له هذا حرام القصد هنا الشبهات وقال هؤلاء العلماء الورعون يكرهون أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان فى كتاب الله عز وجل بينا بلا تفصيل، ويقول الله تعالى فى سورة البقرة ” إنما حرم عليكم الميتة” وهذا يدل على أن أكل لحم الميتة حرام.

 

فالشيء إذا كان بيّنا كالشمس قل هذا حلال وهذا حرام، وإذا كان مختلفا عليه لا تقل هذا حرام وليس معك دليل، وإن ترفع العلماء عن قول هذا حلال وهذا حرام من دون دليل قطعى، فقال أحدهم حدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم وكان من أفضل التابعين أنه قال إياكم أن يقول الرجل إن الله أحلّ هذا أو رضيه، فيقول الله له” لم أحل هذا ولم أرضه، و يقول إن الله حرم هذا، فيقول الله ” كذبت لم أحرمه” وقال بعض العلماء عن إبراهيم النخعى أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه قالوا هذا مكروه وهذا لا بأس به، فأما نقول هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا، فإن كلمة حلال شيء مشتبه فيه، وكلمة حرام شيء مشتبه به، وكان العلماء الورعون يترفعون على أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام.

 

من دون دليل قطعى لذلك قال بعض العلماء إن السلف الصالح لم يطلقوا الحرام إلا على ما عمل تحريمه قطعا، أو افعله ولا بأس، نرجو الله أن يغفر لك به،لا تقل هذا حلال أو حرام لشيء ليس فيه دليل قطعي هذا من الورع، وطبعا إذا كان الشيء فيه دليل بيّن كالشمس وقال هذا حرام لقوله تعالى حرمت عليكم كذا وكذا أو هذا حلال لا يوجد مانع، أما في الشبهات فقبل أن تقول هذا حرام بسرعة أو هذا حلال تريث، قل لا يعجبني، لا أستحسنه، لا أرتاح له، افعله ولا بأس نرجو أن يغفر الله لكم، لا تقل هذا حلال أو هذا حرام لشيء ليس فيه دليل قطعى، هذا من الورع، لذلك أنا لا أرى كلمة جبن بمعنى الخوف تليق بالإنسان إلا في موضع الفتوى إذا قلت جبانا في الفتوى، هذا مديح وليس ذما، لأن الفتوى خطيرة.

 

وقيل أنه جاء وفد من المغرب، سار ثلاثة أشهر حتى وصل إلى بلاد الإمام أحمد بن حنبل، ومعهم ثلاثون سؤالا، أجابهم عن سبعة عشر سؤالا والباقى قال لا أعلم، قالوا معقول الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم؟ قال لهم قولوا لهم الإمام أحمد بن حنبل لا يعلم، وهكذا كان السلف الصالح، كان ورع جدا أى لا يتكلم كلمة إلا إن كان متأكدا منها، لأن تحليل الحرام وتحريم الحلال من أكبر الكبائر فإن القاعدة الثالثة تقول أن تحريم الحلال أو تحليل الحرام قرين الشرك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى