مقال

الدكروري يكتب عن أهمية الاعتناء بالتربية الذاتية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أهمية الاعتناء بالتربية الذاتية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في القيم والمعاني الإنسانية والخلقية قبل البعثة وبعدها وقد شهد له العدو قبل القريب ونحن نعلم قول السيدة خديجة رضي الله عنها فيه صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده ” كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين علي نوائب الحق” متفق عليه، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة المحمدية، كان مشهورا وملقبا في قريش قبل البعثة بالصادق الأمين، وأما بعد البعثة فقد شهد له ربه تعالي بقوله ” وإنك لعلي خلق عظيم” ولقد شهدت له زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها وهي ألصق الناس به، وأكثرهم وقوفا على أفعاله في بيته.

 

بأنه صلى الله عليه وسلم “كان خلقه القرآن” رواه مسلم، وقال الإمام الشاطبى ” وإنما كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن لأنه حكم الوحي على نفسه حتى صار في عمله وعلمه على وفقه، فكان للوحي موافقا قائلا مذعنا ملبيا واقفا عند حكمه، فكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض، ولا نزال نسمع شكوى كثير من الشباب اليوم، وتبريرهم لجوانب من القصور لديهم بأنهم نشأوا في أوساط تعاني من الضعف التربوي، أو تربوا على أيدي مربين قصروا في تربيتهم، ولذلك كان لبعض تلك الشكاوى نصيب من الصحة، فكثير منها إنما هي أسلوب إسقاط، وهروب من تحميل النفس المسؤولية، وأيا كان الأمر هذا أو ذاك، فالشاب يتحمل مسئوولية نفسه، ولو كان جادا لاعتنى بها منذ البداية.

 

ولتجاوز سلبيات الآخرين ومشكلاتهم، فإن هذه المسوغات تؤكد على أهمية الاعتناء بالتربية الذاتية، وحين نعود إلى واقعنا اليوم نجد الوقوع في الإفراط والتفريط في هذه القضية، فتجد بعض الشباب يؤدي جهدا للآخرين، من خلال درس يلقيه، أو خطبة في المسجد، أو من خلال المشاركة في المركز الصيفي، تجد هذا الشاب ينشغل بالأمور الدعوية ونعم ما انشغل به، لكنه يهمل نفسه وينساها، فيجد بعد فترة أن زملاءه وأقرانه قد فاقوه وأنه قد قصر في حق نفسه، هذه صورة، والصورة المقابلة هي صورة ذاك الشاب الذي يرفض أن يقدم، ويرفض أن يعمل، ويرفض أن يعطي الآخرين من وقته بحجة أنه يريد أن يربي نفسه، وهذا هو الآخر قد جانب الصواب، فلابد من التوازن.

 

لابد أن يقوم الشاب بمسؤوليته فيخصص جزءا نفيسا من وقته يعلم غيره ويربي غيره ويفيد غيره ويسهم في حفظ وقت غيره، ومع ذلك لا ينسى حظ نفسه، فيعتني بتربية نفسه وتعليمها وإصلاحها، وإن الصلة بالله عز وجل هي من أهم الجوانب وآكدها، فكل مابعده إنما هو ثمرة ونتيجة له، وإن من وسائل تحقيق ذلك هو عناية الإنسان بالفرائض واجتناب المعاصي، ومحاسبة النفس على ذلك ومبادرتها بالعلاج حين التقصير، وبعد ذلك استزادته من النوافل كنوافل الصلاة، ونوافل الصدقة والصيام والتلاوة والذكر، الجانب الثاني هو العلم الشرعي ووسائل تحصيله فإنه لا تخفى علينا إما من خلال الدراسة النظامية، أو من خلال مجالس العلم وحلقاته المقامة في المساجد، أو من خلال الأنشطة الشبابية.

 

حيث تقام فيها دروس علمية وحلقات علمية، أو من جانب البحث الفردي الذي يبذله صاحبه، من خلال القراءة والإطلاع، أو من خلال الاستماع للأشرطة العلمية والدروس العلمية وأيضا الجانب الثالث وهو التربية على العمل، فإن الإنسان في حياته الخاصة حين يريد إتقان نشاط أو حرفة معينة، كالسباحة، أو قيادة السيارة، على سبيل المثال، حين يريد ذلك فإنه لايقتصر على الجانب النظري، وعلى سؤال من يجيدونها، بل يعتني بالتدريب والممارسة، والمهارات الدعوية كذلك فهي تتقن من خلال التدريب والممارسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى