مقال

الدكروري يكتب عن عصور العدل في القضاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عصور العدل في القضاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إذا تكلمنا عن العدل فسوف نذكر المهدي المنتظر، وإن المهدي رجل يخرج في آخر الزمان ويكون خليفة للمسلمين ويحكم بالعدل والقسط، وقد ذكرت بعض صفاته في مجموعة من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلي الله عليه وسلم فاسمه واسم ابيه يوافقان اسم النبي صلي الله عليه وسلم واسم أبيه، وهو من آل بيت النبوة، فقال النبي صلي الله عليه وسلم “المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئَت جورا وظلما، يملك سبع سنين” ويعيش الناس في خلافته بخير وهناء بسبب ما منحه الله إياه من الكرامات، وهذا الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه الذى امتلأ بيت المال في عهده.

 

وفوجئ بشكاوى من كل الأمصار المفتوحة من مصر والشام وأفريقيا، وكانت الشكوى من عدم وجود مكان لتخزين الخير والزكاة، ويسألون ماذا نفعل؟ فيقول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، أرسلوا مناديا ينادى فى ديار الإسلام”أيها الناس من كان عاملا للدولة وليس له بيت يسكنه فليبنى له بيت على حساب بيت مال المسلمين، أيها الناس من كان عاملا للدولة وليس له مركب يركبه، فليشترى له مركب على حساب بيت مال المسلمين، أيها الناس من كان عليه دين لا يستطيع قضاءه، فقضاؤه على حساب بيت مال المسلمين، أيها الناس من كان في سن الزواج ولم يتزوج، فزواجه على حساب بيت مال المسلمين، فتزوج الشباب الأعزب.

 

وانقضى الدين عن المدينين وبنى بيت لمن لا بيت له وصرف مركب لمن لا مركب له، ولكن الشكوى مازالت مستمرة بعدم وجود أماكن لتخزين الأموال والخيرات، فيرسل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى ولاته ويقول عودوا ببعض خيرنا على فقراء اليهود والنصارى حتى يستكفوا، فاعطوا والشكوى مازالت قائمه، فقال رضى الله عنه وماذا أفعل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، خذوا بعض الحبوب وانثروها على رؤوس الجبال فتأكل منه الطير وتشبع، حتى لا يقول قائل جاعت الطيور في بلاد المسلمين” رضي الله عنك يا أمير المؤمنين حكم بضعة وثلاثين شهرا فكانت أفضل من ثلاثين دهرا، فقد نشر فيهم العدل والإيمان والتقوى والطمأنينة.

 

وعاش الناس في عز لم يروه من قبل، والله الذى لا إله غيره، لو أدى كل إنسان زكاة ماله وواجبه على أكمل وجه دون نقصان، وأخذ كل واحد حقه دون زيادة لصلح حال البلاد والعباد، والراعي والرعية، وما صرنا إلى ما نحن فيه، فقد روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيا على المدينة، فمكث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، ولم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبى بكر إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر لعمر رضى الله عنهما أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر رضى الله عنه لا يا خليفة رسول الله.

 

ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيم يختصمون؟ فإننا بحاجة إلى أن نغير ما بأنفسنا تغييرا شاملا لكل جوانب الحياة، حتى نحقق التنمية بجميع جوانبها وذلك مصداقا لقوله تعالى فى سورة الرعد ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى