مقال

الدكروري يكتب عن عظ نفسك أيها الغافل

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عظ نفسك أيها الغافل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يا ويل المقصرين إذا حلت سكرات الموت وتحشرجت النفوس في الصدور، فيا من شغلتك الذنوب عن تذكر الموت، فإن أهل الطاعات في تذكر دائم للموت جعلوه نصب أعينهم، إذا أصبحوا نظروا إليه فتذكروه، وإذا قعدوا نظروا إليه فتذكروه، فيا أيها المذنب أما لك في الجنائز عظة؟ يا مشغولا بالذنوب وغافلا مع الشهوات أما رأيت موت الخلائق؟ أما وعظتك جنائز الراحلين ؟ فكم في ذلك من عظة لصاحب القلب السليم وكم في ذلك من عبرة لصاحب القلب الحي، فعظ نفسك أيها الغافل برحيل من سبقك وازجرها عن غيرها بعظة الموت فاتقي الله أيها الغافل عن الله، وأعد لنفسك أعمالا صالحة تنجو بها يوم القيامة.

 

وعليك الاستعداد للقاء الله بالأعمال الصالحة، التي تقربك منه عز وجل، والحذر من الغفلة المهلكة، فإن الغفلة سبب في سوء الخاتمة، وأن يتأسف على ما يفوته من طاعة الله وذكره، فترى أشد الأشياء عليه ضياع شيء من وقته فإذا فاته ورده وجد لفواته ألما أعظم من تألم الحريص على ماله من فوات ماله وسرقة ماله وضياع ماله، وبادر إلى قضائه في أقرب فرصة وإن الشوق إلى الله لذة لا يتلذذ بها إلا من عاش مع الله، وتلذذ بمعاني هذه الحياة مع الله وأصبح لا يجري في قلبه غير الله، يعيش حياة الملوك من عرف الله حتى لو كان لا يجد مأكله ومشربه وملبسه، حتى لو كان لا يجد ما يظله من لفح الشمس فظله ذاك الحب.

 

الذي خالط شغاف قلبه وسرى في عروقه، وحتى ولو كان ألم المرض يكسر عظامه ويفتت لحمه فقد خدر ذلك الحب جسده، فلم يعد يشعر بشيء غير الله، فقال عبد الله بن هشام كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه و سلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه و سلم الآن يا عمر، وأن يكونا لعبد مولعا بذكر الله تعالى، لا يفتر لسانه ولا يخلو عنه قلبه فإن من أحب شيئا أكثر من ذكره بالضرورة ومن ذكر ما يتعلق به.

 

فيحب عبادته وكلامه وذكره وطاعته وأولياءه ومحبة كلام الله عز وجل، فإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله فانظر محبة القرآن من قلبك فإن من المعلوم أن من أحب محبوبا كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه، فيجب عليك أيها المسلم أن تفكر في نفسك، ففي العام الماضي كان معك إخوة أصبحوا الآن في قبورهم مرتهنين، لا يملك الواحد منهم أن يزيل سيئة من سيئاته، ولا أن يكتسب حسنة فوق حسناته، وما أصابهم فسوف يصيبك، تعداك الموت إليهم، وسيتعدى غيرك إليك، حاسب نفسك، أنقذ نفسك قبل ألا تستطيع، فما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد خيرا، وإن كان مسيئا ندم ألا يكون قد فعل شرا.

 

فأنقذ نفسك ما دمت في زمن الإمهال، كل شيء بيديك الآن، إن كنت ظالما لأحد تستطيع أن تستحله من مظلمته أو تردها عليه، إن كنت مسرفا على نفسك في ما بينك وبين ربك يمكنك أن تنقذ نفسك من هذا الإسراف فحاسب نفسك، وإياك أن تلهك أسواق الدنيا الفانية، عن أسواق الأخرة الباقية فبضاعة الأخرة الأن متوفرة وسيأتي عليك زمان لا تستطيع أن تدخل أسواق الأخرة، فيا عجبا من معرض عن حياته وعن حظه العالى ويلهو ويلعب، ولو علم المحروم أي بضاعة أضاع لأمسى قلبه يتلهب، فإن كان لا يدري فتلك مصيبة وإن كان يدري فالمصيبة أصعب، فبادر قبل أن تبادر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى