مقال

الدكروري يكتب عن السير إلى الله تعالى

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السير إلى الله تعالى

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المسارعة والمسابقة فى السير إلى الله تعالى، لا مجال فيها للروية والتؤدة والأناة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه أبو داود ” التؤدة فى كل شئ إلا فى عمل الآخرة” وقال وهيب بن الورد إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل، وقال عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة “ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له” وإن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، ولنا في سلفنا الصالح أسوة حسنة وقدوة طيبة، هؤلاء الذين قدموا لنا صورا رائعة من المسارعة والمسابقة في فعل الخيرات.

 

فإن الصالحين ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده، في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق، فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى سورة طه ” وعجلت إليك ربى لترضى” ولقد كانت روح المنافسة فى الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، لذلك كانت النتيجة لهذه المسارعة أن قال النبى صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح” أى مثمر وممتلئ، في الجنة لأبي الدحداح” فكانت لأبى الدحداح صورة مشرقة.

 

ولوحة رائعة يزيّنها مثل مسارعة الصحابة، ومبادرتهم إلى فعل الخيرات، يوم أن عظم الخطب واشتد الأمر علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم تبوك الذى سماه الله تعالى يوم العسرة وقد فتح الرسول صلى الله عليه وسلم باب التبرع علانية حتى يحفز المسلمين، وكان أول القائمين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا أبو مسلم الخولاني عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه ضربها بيديه قائلا ﻗﻮﻣى ﻓﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻷ‌ﺯﺣﻔﻦ ﺑﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺯﺣﻔﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻞ ﻣﻨﻚ ﻻ‌ ﻣﻨﻲ” ﺃﻳﻈﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ صلى الله عليه وسلم ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺄﺛﺮﻭﺍ ﺑﻪ ﺩﻭﻧﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺰﺍﺣﻤﻨﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺯﺣﺎﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﺧﻠﻔﻮﺍ ﻭﺭﺍﺀﻫﻢ ﺭﺟﺎﻻ‌، فهو يريد المنافسة.

 

ويريد أن يزاحم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة، وهنيئا له بهذه المنافسة الشريفة، وكان للتنافس فيما بينهم في فعل الخيرات أثر كبير في حياتهم، فكان التنافس سببا لرفع الهمة، وإثارة الحماس، فبادروا في اغتنام حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها بفعل الخيرات والاكثار من الطاعات، فإن الفرص لا تدوم، والعوارض التي تحول بين الانسان وبين العمل كثيرة وغير مأمونة، وقد روى البخارى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الخيل لثلاثة لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذى له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طيلها في مرج أو روضة.

 

فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أوشرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقى به كان ذلك حسنات له، وهى لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فخرا ورئاء ونواء، فهي على ذلك وزر” ورُوى عن السيدة عائشة رضى الله عنها أنها تصدقت بعنبة، وقالت “كم فيها من مثقال ذرة؟” وكان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل الذى أعطوه، فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجوزة ونحو ذلك، فيردونه ويقولون ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى