مقال

الدكروري يكتب عن الصراع في هذه الأمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصراع في هذه الأمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه بعد بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، انحصرت الخصومة بين أتباع النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له أعداء كثيرون في الحياة، من المجرمين، من الأكابر، فقال تعالى فى سورة الأنعام ” وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون” وما أبو جهل وأبو لهب وعتبة وشيبة وغيرهم إلا أمثلة ونماذج لأعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم الذين يحاربون دعوته صلى الله عليه وسلم عبر العصور، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبالمقابل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أصبح أولياؤه هم العلماء الذين ورثوا هديه وتراثه.

 

ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن العلماء ورثة الأنبياء” وقد بيّن الله سبحانه تعالى قبل ذلك أن هذه الأمة سيوجد فيها من يحمل الرسالة، فلا تعني وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سقوط الراية، فالراية كلما جاء جيل، قيض الله تبارك وتعالى بين هذا الجيل من يحمل الراية، ويقيم الحجة على هذا العصر، ولهذا يقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الأعراف ” وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون” وبصورة أخص أنه تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن اسم خاص لحملة الهدى النبوى الذين يخلفون الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس في الإسلام فقط، وليس في الالتزام بالسنة فقط.

 

بل بالدعوة إليها والقيام عليها والصبر، ودعوة الناس إلى ما كان عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان الاسم الخاص الذي ميزهم الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء به هو أنه ميزهم بـالطائفة المنصورة، وهذا اسم جليل عظيم تهتز له القلوب، وتستبشر له النفوس، وفي حديث متواتر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين منصورين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس” فهى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهؤلاء يقابلهم أعداء الرسل ويحاربونهم ويضعون في طريقهم الأذى والشوك، فلا يضرونهم إلا بالتعب والجهد واللأواء.

 

وهذه خصومة طبيعية، لكن الطريق ماض، والقافلة مستمرة لا يمكن أن يؤثر هؤلاء فيها توقفا، وفي الآيات والأحاديث التي وردت فى شأن الخصومة، بين الحق والباطل وهي كثيرة نلاحظ عدة ملاحظات مهمة جدا للمسلم في هذا العصر، وهو يلاحظ حركة الصراع بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، وأريد أن ألقى الضوء على بعض الأمور المهمة التي يحتاج إليها المؤمن في هذا العصر، وهى قوة الروابط بين الأعداء في هذا العصر، فالملاحظة الأولى وهي الرابطة الوثيقة التي يتناصر بها أعداء الرسل، فيقول الله تبارك وتعالى فى سورة الأنعام ” وكذلك جعلنا لكل نبى عدو شياطين الإنس والجن”

 

فكل هؤلاء مصنفون في عداد أعداء الأنبياء، ثم قال تعالى ” يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غروا” وهذا هو اتحاد أهل الكفر في مواجهة الإسلام، فأعداء الرسل هم أعداء الإسلام يتناصرون بمقتضى بالعداوة، وقد يكونون بينهم من البور والخلاف الشيء الكثير، لكنهم حين يواجهون الإسلام يكونون صفا واحدا، فليس من الضرورى أن تكون ولايتهم مطلقة، بل ولاية بعضهم لبعض قد تكون مطلقة وقد تكون أمام الإسلام فقط، فمثلا اليهود والنصارى بينهم عبر التاريخ خصومات طويلة، ومجازر رهيبة، وخاصة اليهود طالما تسلطوا على النصارى وآذوهم، وسفكوا دماءهم وأحرقوهم بالنيران، والعكس كذلك.

 

ومع ذلك الله عز وجل يقول بعضهم أولياء بعض، أى فى حرب الإسلام ومواجهته يقول القائل وليس غريبا ما نرى من تصارع هو البغى لكن للأسامى تجددا، وأصبح أحزابا تناحر بينها وتبدو بوجه الدين صفا موحدا، فحين يكون العدو والخصم هو الإسلام، ينسون خصوماتهم الداخلية والفرعية ويوحدون الوجهة ضد الإسلام وأهله فهذا أمر ملحوظ في ولاية أعداء الرسل بعضهم لبعض، وهذه الولاية توجب على حملة الإسلام أنه لا بد أن يكون بعضهم لبعض أولياء أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى