مقال

الدكروري يكتب عن ثمرات الإيمان بالقضاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ثمرات الإيمان بالقضاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج، والقوة والشهامة، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت لأنه يعلم أن الموت لا بد منه، وأنه إذا جاء لا يؤخر، لا يمنع منه حصون ولا جنود، حيث قال تعالى في سورة النساء ” أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة” وكما قال سبحانه وتعالي فى سورة آل عمران ” قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم” وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر، يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين، ولقد كان العرب يقولون في التعجب والاستحسان لله درّه.

 

أي يتعجبون من اللبن الذي رضع منه فأثر فيه هذه النجابة، ولأجل هذا فإن بعض الناس اليوم لما صاروا يرضعون من الحليب الصناعي الذي هو من ألبان البقر، صارت أخلاقهم تشبه أخلاق البهائم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول آحد الصالحين إذا ضاقت في وجهي الدنيا قرأت صفحات من القرآن وما هي إلا أيام ويفتح الله لي من حيث لا أحتسب رزقا، وعلما، وفهما، وعندما نتأمل بداية سورة طه في قوله تعالى “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” نعرف أن القرآن سبب للسعادة والبعد عن الشقاء ولو تأملنا نهاية نفس السورة عند قوله تعالى “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا” نعرف أن من أهم أسباب الضنك والضيق والكآبة.

 

هو البعد عن كتاب الله وذكره، ولقد حدّث الأعمش رحمه الله فقال خرجت أنا وإبراهيم النخعي ونحن نريد الجامع، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال لي يا سليمان، قلت لبيك، قال هل لك أن تأخذ في خلال طرقات الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت يا أبا عمران، وما عليك في أن نؤجر ويأثَمون؟ قال يا سبحان الله، بل نسلم ويسلمون، خير من أن نؤجر ويأثمون، وإن الموت، كثيرا من الناس ينفرون من سماعه، ويفرون من الحديث حوله، والناس يفرون من ذكر الموت، ويفرون من الموت، ويحسب الإنسان أنه إذا خنس من الموت بوسيلة، أنه قد فر منه، وأنه لن يقع فيه.

 

وإذا هو يفر من سماع مواعظ الموت، لأنها تقطع عليه لذات الدنيا، وتجعله يعيش في مخاوف عظيمة، لذلك ترى أكثر الناس لا يحبون سماع مثل هذه المواعظ، فالحياة الدنيا متاع الغرور، وكل شيء إلى الله صائر، ولا يبقى إلا وجه الله العظيم، ورسول الله أعظم البشر، وأحب خلق الله إلى الله، وعظه الله عز وجل، بالموت، فقال له سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم، وهو على قيد الحياه “إنك ميت وإنهم ميتون” أى قال له تعالي إنك ميت أنت يا محمد، صلى الله عليه وسلم، ولن تنجو من الموت كما لم ينجو أحد من الأنبياء عليهم السلام، من قبلك، وهذا الموت كتاب مؤجل، لا يستقدم عنه الميت لحظة ولا يستأخر، فقال الله عز وجل “وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا”

 

ومهما حرص الحريصون على الفرار من الموت، وعلى الدخول في الأغطية والمحصنات من المباني، فإن الله عز وجل، يخرج أرواحهم من داخل تلك المباني، فقال عز وجل “أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيده” أى لو كان بناء حصينا فإن الله تعالى، يدخل ملك الموت على الشخص الذي حان أجله فيقبضه ولو كان في برج مشيد، ولا يدري الإنسان متى يفجؤه الأجل ولا أشد وأعظم على الميت وأهله من إتيان الموت له فجأة ، وهو في كامل صحته وعنفوان قوته ، وتمام نشاطه ، ومع تزايد النعم والعيش الرغيد، لم يحسب للموت حسابه ولم يظن أهله أن ينزل عليه الموت، فإذا هم به قد سقط ميتا لا حراك به فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى