مقال

الدكروري يكتب عن الضروريات الخمس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الضروريات الخمس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأمن في الإسلام مقصد عظيم شرع له من الأحكام ما يكفله ويحفظ سياجه، ويدرأ المساس بجنابه، فقد تضافرت النصوص القطعية على وجوب المحافظة على الضروريات الخمس، وهي الدين، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وحرّمت الشريعة كل وسيلة إلى النيل من هذه المقاصد، أو التعرض لها، وشرعت من الأحكام الزاجرة ما يمنع من التعرض لها أو يمس بجوهرها، بل إن الإسلام حرم كل فعل يعبث بالأمن والاطمئنان والاستقرار، وحذر من كل عمل يبُث الخوف والرعب والاضطراب، من منطلق حرصه على حفظ أجل النعم الأمن والأمان، ومن هذا المنطلق نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

أن يتسبب الإنسان إلى فعل يؤدي إلى المساس بالأمن والاستقرار، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” رواه أحمد، وأبو داود، ويقول صلى الله عليه وسلم “لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار” متفق عليه، بل ولقد بلغت عناية الإسلام ونصوصه أن جاءت بالنهي عن كل ما يؤذي المسلمين في طرقاتهم وأسواقهم ومواضع حاجاتهم، فقال صلى الله عليه وسلم “إياكم والجلوس في الطرقات” ويقول صلى الله عليه وسلم “إذا مر أحدكم في مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليُمسك على نصالها أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء” متفق عليه.

 

ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار” ولما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان بحدوث الفتن وانفلات الولاية، قال له حذيفة ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فأعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك، فإن الذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، ونسأل الله ألا يحرمنا ذلك، فينبغي أن نتعاون جميعا على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح.

 

فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “مثَل القائم على حدود الله” والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان قوم في أعلاها وقوم في أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء مروا على الذين في أعلاها، فقال الذين في أسفلها لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا بدل أن نؤذي مَن فوقنا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “فلو أنهم تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا، ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعا” فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم فإن البلاء سينزل بنا جميعا، فينبغي ألا نجامل أحدا إذا رأينا مفسدا يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال.

 

يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى لا ينزل بنا العذاب، فإن رأينا مفسدا، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته، أن نبلغ عنه فنكون ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” فينبغي علينا أن نحارب الفساد سرا وجهرا بجميع الصور وبجميع الوسائل، وأن لا نجامل، وأن نعد هذه كارثة ومصيبة، إذا نزل البلاء فإنه يعم الصالح والطالح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى