مقال

الدكروري يكتب عن وقالوا قلوبنا غلف

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وقالوا قلوبنا غلف

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الشخصية الإسلامية هي مجموعة من الصفات العقدية والأخلاقية والاجتماعية التي تميز المسلمين عن غيرهم في العقيدة والفكر والسلوك والتصرفات والأفعال والأقوال، وبالوقوف على مجمل ما في هذه النصوص وغيرها من النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة، يتبين لنا أن الشخصية الإسلامية شخصية سوية واعية مخلصة، ملتزمة بدين ربها، متزنة متكامله، مجاهدة في سبيل ربها، لها ذاتيتها المستقلة التي تميزها عن غيرها، وهذا ما نلمسه بوضوح في عبادتها وعادتها ومظهرها وفي كل شأنها، وأساس ذلك كله إيمانها بعقيدتها ومبادئ دينها الحنيف وأساسه إيمانها بالله تعالى وحده عماد حياتها وقوام وجودها، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، في معنى قوله تعالى ” وقالوا قلوبنا غلف” 

أى في أكنة، وفي رواية أى لا تفقه، وفي أخرى هي القلوب المطبوع عليها، وأيضا إشراب القلب، وقد وُصف القلب بالإشراب، فيقال أشرب فلان حب فلانة أي خالط قلبه، وأشرب قلبه محبة هذا أي حل محل الشراب، فمعنى الآية أنه داخلهم حب العجل، ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شغفهم به، كما داخل الصبغ الثوب، وأيضا الإسلاك في القلب، والسّلك هو مصدر سلك الشيء في الشيء فانسلك أي أدخلته فيه فدخل، وهذه الكلمة قد وردت في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة، وارتبطت بالقلب في موضعين الأول في سورة الحجر، والثاني في وصف القرآن في الشعراء، أى سلك الله التكذيب في قلوب المجرمين الذين عاندوا واستكبروا عن اتباع الهدى، وكذلك صرف القلب ما دام العبد لا يرعى حقوق الله، ولا يرتدع عن غيه. 

سيصرف الله قلبه عن الإيمان وعن طريق الهداية جزاء سلوكه، فلا يؤمن بالآيات، وإنما يميل إلى الشهوات والرغبات، ويغفل عن منافع الدنيا والآخرة، وإن هناك القلب الأعمى، فكما يفقد البصر قوته الباصرة، فالذنوب إذا توالت على العبد طمست من القلب تعقله، وحجبت عنه نور الإيمانِ الذى هو حياة القلوب، وأيضا الران على القلب فالذنب على الذنب مع الإصرار وسوء الأدب، لا بد أن يكسب الإنسان حالة أكبر من أن تنجلي عن قلبه، فهو حالة من حالات مراحل القلب الميت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن العبد إذا أخطأ خطيئةً، نكتت في قلبه نكتة، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها، حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله تعالى” فقال الله تعالى كما جاء فى سورة المطففين” كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون” 

وأيضا القفل على القلب، أى أقفل الله عز وجل عليهم، فهم لا يعقلون لأنهم لم يتفهموا القرآن، وكذلك الطبع على القلب، فيخبرهم عز وجل بمقت الله تعالى ومقت المؤمنين لمن يجادل في آيات الله بغير حجة وبرهان، وإنما هو التجبر والتكبر، فعاقبته الطبع على قلبه، وكذلك ختم القلب وقد عبّر القرآن الكريم عن موت القلب، وفي وسط هذه الجاهلية التي يعشيها المسلمون اليوم، ضاعت هوية الشخصية الإسلامية، وانعدمت ميزاتها إلا من رحم ربي، وإن البحث عن سمات الشخصية الإسلامية من الأمور المطلوبة لكل مسلم يريد أن يسير إلى ربه على نور من الله في صراط مستقيم، وللشخصية الإسلامية أيها الإخوة سمات بارزة، وعلامات مميزة، فإن الشخصية المسلمة سريعة التأثر والانفعال مع أدلة القرآن والسنة، 

سريعة التأثر مع المواقف التي جاء في القرآن والسنة ذكر لها، سريعة التأثر والانفعال إذا ما حدث خطأ من الأخطاء، سريعة التأثر والانفعال إذا ما وقع المسلم في ذنب من الذنوب، سريعة التأثر والانفعال عند رؤية أحوال المسلمين، سريعة التأثر والانفعال لمواعظ الله ورسوله، وكان أول تأثر من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما عرض عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم الدعوة، وعندما عرض عليهم نصوص القرآن، ونصوص السنة، ولذلك كانت الصفوة المختارة عندما تسمع كلام الله تعالي تتأثر مباشرة، فترق القلوب، وتدخل تلك النفوس في دين الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى