مقال

الدكروري يكتب عن إياكم وطريق المفسدين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إياكم وطريق المفسدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الفساد هو الخيانة وهو الغش بجميع صوره وأشكاله، ولقد رسم المولى عز وجل، لنا في الكتاب الكريم خبر أقوام أفسدوا في الأرض فنزل بهم البلاء، وإذ يحذرنا المولى عز وجل من أن نسلك مسلكهم، أو أن نسير على الطرق التي ساروا عليها، فإنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه حسب أو نسب، فسنن الله لا تحابي أحدا، فينبغي أن نعلم هذه المسألة، أن سنن الله لا تحابي أحدا، وأن الأمة إذا حادت عن الطريق المستقيم نزل بها البلاء، ولقد حذرنا الله تعالى من خبر أقوام أفسدوا في الأرض بتطفيف الميزان والمكيال وبالفساد، فذكر المولى سبحانه وتعالى قصة قوم شعيب في أكثر من موضع في كتابه الكريم، وحذرنا الله تعالى من قصة قارون الذي فسد، وتعالى وتجبر ومنع الزكاة والصدقات، وبيّن لنا المولى عز وجل، خبر أقوام حادوا عن الطريق المستقيم حتى لا نسلك مسلكهم.

ومن صور الفساد من باب التمثيل لا الحصر، الذي ابتليت به الأمة في الأموال، السرقة، والاختلاس، والرشوة، والتربح بالوظيفة، والخيانة للمسؤوليات، وإن من أنواع الفساد في العمل الإهمال، والتقصير، وعدم الإتقان، والمحسوبية، وبخس العامل حقه، وعدم أداء الأجير أجرته، والإسراف والتبذير والبذخ الذي تجاوز حدود الزمان والمكان، وفي جانب التداول والتجارة الغش، والتدليس، والمماطلة، واحتكار السلع، وغير ذلك من صور كثيرة من الفساد التي لا تخفى على أصحاب العقول، ولا تخفى عليكم، فأصبحت واضحة للعيان، ولقد أصبح الإنسان لا يجد السلعة الصحيحة، ولا يجد البضاعة الأصلية بسبب الفساد، وبسبب قلة الأمانة، وبسبب عدم الخوف من الله سبحانه وتعالى، وبسبب عدم مراقبته، ويحذرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الفساد.

في حديث رواه ابن ماجة في سننه فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “يا معشر المهاجرين، خصال خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم” ويجب علينا أن نعلم جيدا، أن البلاء والهلاك وعدم السعادة والراحة والطمأنينة والنكبات والابتلاءات والمصائب وانهيار القيم والمبادئ.

كل ذلك بسبب هذه المسألة التي نسأل الله أن يعافينا منها وهى الفساد، وإن من أسباب الفساد الذي عم في مجتمعات المسلمين ضعف الوازع الديني، وعدم مراقبة المولى عز وجل، وعدم استشعار أن الله يرى العبد، وأننا لم نصل إلى مرتبة الإحسان الذي هو أعلى مراتب الدين، أن يعبد المسلم ربه كأنه يراه، والأمر الثاني هو ضعف الدور التربوي للأسرة، فكثير من الأسر تركت الحبل على الغارب للأبناء والبنات فلم يتربوا على المراقبة لله تعالى، ولم يقوموا بدورهم ومسؤوليتهم، والأمر الثالث هو عدم ترشيد وسائل الإعلام، فكثير من القنوات ووسائل الإعلام في بلاد المسلمين لم تقم بدورها في التوجيه والتربية، بل تهدم القيم والمبادئ وتنشر الرذيلة والعري والتبرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى