مقال

الدكروري يكتب عن محاربة الإسلام للجهل

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن محاربة الإسلام للجهل
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حارب الإسلام الجهل منذ نشأة الخلق لما فيه من الهلاك للأمم، وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها، وصدع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، ومن سلك طريقا يظنه الطريق الموصل إلى الله تعالى بدون علم فقد سلك عسيرا، ورام مستحيلا، فلا طريق إلى معرفة الله سبحانه وتعالى والوصول إلى رضوانه إلا بالعلم النافع الذي بعث الله تعالى به رسله، وأنزل به كتبه، فهو الدليل عليه، وبه يهتدى في ظلمات الجهل، وشبهات الفساد والشكوك، والعلم الشرعي هو العلم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهو القاعدة الكبرى التي تبنى عليها سائر العلوم، وحملة العلم الشرعي هم ورثة الأنبياء، والأمناء على ميراث النبوة، ومتى ما جمعوا بين العقيدة الصحيحة والعلم الشرعي المتوج بالأدلة الشرعية مع الإخلاص لله سبحانه.

والتأدب بآداب العلم وأهله، فهم الأئمة الثقات، والأعلام الهداة، والتأدب بآداب العلم وأهله، فهم الأئمة الثقات، والأعلام الهداة، مثلهم في الأرض كمثل النجوم يُهتدى بها فقال صلى الله عليه وسلم “إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة” رواه أحمد، وقال الحافظ بن رجب عليه رحمة الله “وهذا مثل في غاية المطابقة لأن طريق التوحيد والعلم بالله وأحكامه وثوابه وعقابه لا يدرك إلا بالدليل، وقد بين الله ذلك كله في كتابة، وعلى لسان رسوله، فالعلماء بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هم الإدلاء الذين يهتدى بهم في ظلمات الجهل والشبه والضلال، فإذا فقدوا ضل السالك، والعلماء بالله تعالى وبشرعه هم أهل خشية الله، وشهداء الله في أرضه، وخلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أمته.

فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم الكريم، الموصوف بصفات الكمال والمنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم، والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم، وأكثر، وقال ابن عباس رضي الله عنهما “العالم بالرحمن من عباده، من لم يشرك به شيئا، وأحل الحلال، وحرم الحرام، وحفظ وصية الله، وأيقن أنه ملاقيه، ومحاسبه بعمله” فالخشية هي التي تحول بين العبد وبين معصية الله، وتدعوه إلى طاعته والسعي في مرضاته، وقال الحسن البصري رحمه الله “العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه، ثم تلا قول الله تعالى من سورة فاطر “إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور” وإن العالم هو من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله تعالى فيه.

وزهد فيما سخط الله تعالى فيه، وهذا هو العلم الحقيقي الذي ينفع صاحبه فإن العلم ليس عن كثرة المعرفة والحفظ، ولكن العلم عن كثرة الخشية، فهو نور يجعله الله في القلب، فالعلم بغير ورع ولا طاعة كالسراج يضيء البيت بنوره، ويحرق نفسه، وماذا يفيد العلم جُمّاع القول المصرين على معاصيهم وأخطائهم، الذين يستمعون القول ولا يتبعون أحسنه، وقد روى عبد الله بن وهب عن سفيان “أن الخضر قال لموسى عليهما السلام يا ابن عمران، تعلم العلم لتعمل به، ولا تتعلمه لتحدث به، فيكون عليك بُوره، ولغيرك نوره” وقال أبو الدرداء رضي الله عنه “أخوف ما أخاف إذا وقفت بين يدي الله أن يقول قد علمت فماذا عملت” وفي منثور الحكم لم ينتفع بعلمه من ترك العمل به، فثمرة العلم أن يُعمل به لأن العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى