مقال

الدكروري يكتب عن داء من أفسد الأدواء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن داء من أفسد الأدواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الفتنة والنمية داء من أفسد الأدواء وأفتكها بالأفراد والمجتمعات، ويجلب الشر ويدعو إلى الفرقة ويوغر الصدر ويثير الأحقاد، ويحط بصاحبه لأسفل الدركات، وينشر بين الناس الكراهية والأحقاد، ولذلك حذر الله ورسوله منه، ولكنه مع الأسف شاع بيننا وأصبح فاكهة نزين بها مجالسنا، وقليل منا مَن يسلم من الوقوع به، بل يمارس ولا تجد من ينكر عليه، وقد تجد عابدا متصدقا محسنا وصاحب سنن وحضور جنائز وصدقة لكنه يقع بالغيبة والنميمة والبهتان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن الله تعالى خلق لك اللسان نعمة منه وفضلا، وخلق لك اللسان لتكثر به من ذكره تعالى وتلاوة كتابه وترشد خلق الله تعالى إلى طريقه، وتظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك.

 

فإذا استعملته في غير ما خلق له، فقد كفرت نعمة الله تعالى فيه، واللسان من أهم وأعظم نعم الله من أعضائك عليك وعلى سائر الخلق، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، فاحذر أن يكبك الله في قعر جهنم بسبب لسانك، ومعنى الغيبة هو ذكرك المسلم بما يكره حال غيبته، أي إن كان فيه ما تقول فقد وقعت في الغيبة المنهي عنها، وإن كان بريئا فقد افتريت عليه واعتديت على عرضه وشخصه، وما أكثر البهتان اليوم بالوشاية واتهام الناس بما ليس فيهم والسعي للإفساد عليهم، ولا نستثني من ذلك أحدا إلا من رحم الله، وإن الواجب عليكم إذا سمعتم من يغتاب إخوانه من المسلمين أن تمنعوه وتذبوا عن أعراض إخوانكم ألستم لو رأيتم أحدا قائما على جنازة رجل من المسلمين يأكل لحمه.

 

ألستم تقومون عليه جميعا وتنكرون عليه، إن الغيبة كذلك تماما، وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال “من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه مسلم، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال قلت يا رسول الله “ما النجاة؟ قال “أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك” رواه الترمذي، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدروهم، فقلت “من هؤلاء يا جبريل؟ قال “هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم” رواه أبو داود، فالغيبة والنميمة كبيرة من الكبائر، زيّنها الشيطان للإنسان فوقع في شراكه ومكره، وظلم الإنسان بها نفسه.

 

وكم من ظن سيئ ظننت به أخاك المسلم من كلام سمعته أو غيبة حضرتها له ثم نقلتها ولم تتثبت مما قيل فيه، فشاركت هؤلاء بالإثم، والنميمة أشد خطرا من الغيبة، لأنها تورث الفتنة والضغينة وتفرق بين المتآلفين وتباعد بين الإخوة والأقارب وتفرق بين الأصحاب والزوجين، ولو نظرت في أكثر الخلافات بين الناس اليوم لوجدت أن الحطب الذي يضرم نارها هي النميمة التي ينقلها الناس فيما بينهم، وهي تؤدي إلى الفساد والإفساد، وما علم هؤلاء أن من نمّ لك نمّ عليك، ومن نقل لك خبر سوء سينقل عنك مثله، وإن الغيبة ليس مدارها على اللسان فحسب بل إن الأذن شريكة للسان في هذه المهمة الممقوتة فاحفظ أذنك عن أن تصغي بها إلى البدعة، أو الغيبة، أو الفحش، أو الخوض في الباطل، أو ذكر مساوىء الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى