مقال

الدكروري يكتب عن خطة النبي السرية في غزوة بني لحيان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خطة النبي السرية في غزوة بني لحيان
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة عن غزوة بني لحيان أن السبب فيها كان ثأرا من قتلة الشهداء الذين قتلوا علي أيدي اليهود يوم الرجيع فى العام الرابع الهجرى، وتأديب تلك القبائل الهمجية، الذين لا يحترمون العهود والمواثيق، وقيل أنه كما هي عادة النبي صلى الله عليه وسلم في تضليل العدو الذي يريد مهاجمته اتجه بجيشه نحو الشمال، بينما تقع منازل بني لحيان في أقصى الجنوب، وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم، قبل تحركه نحو الشمال أنه يريد الإغارة على الشام، وحتى أصحابه لم يعلموا أنه يريد بني لحيان إلا عندما انحرف بهم نحو الجنوب، بعد أن اتجه بهم متوغلا نحو الشمال حوالي عشرين ميلا، في حركة تمويهية على العدو بارعة.

وكان تغيير خط سيره صلى الله عليه وسلم، من الشمال إلى الجنوب عند مكان يقال له البتراء، ففي ذلك المكان عطف بجيشه نحو الغرب حتى استقام على الجادة منصبا نحو الجنوب، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، يعمل حساب كل القوى المجاورة، ولا يغفل عن أي قوة منها، وقد صرح بعد غزوة الخندق وفشل المشركين وهزيمتهم بأن الخطة القادمة هي غزو قريش, فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم ” رواه البخاري، فقد تغيرت الموازين، وأصبح المسلمون لهم القدرة على الهجوم أكثر من قبل، فسعى صلى الله عليه وسلم، لبسط سيادة الدولة الإسلامية على ما تبقى من قوى حول المدينة، لأن ذلك له صلة بالإعداد لغزو قريش في مرحلة لاحقة.

ومن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون بالعديد من الغزوات والسرايا لمعاقبة المشركين من جهة، أو للثأر من القبائل التي كانت قد غدرت بالدعاة وقتلتهم، وناصبت الإسلام العداء من جهة أخرى، إذ لم ينس النبي صلى الله عليه وسلم، أصحابه العشرة الذين قتلوا يوم الرجيع غدرا وخيانة من بني لحيان، في السنة الرابعة من الهجرة، فبنو لحيان هم الذين كانوا قد غدروا بعشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالرجيع، وتسببوا في قتلهم، وشاء الله أن تكون بنو لحيان متيقظة، فما كاد النبي صلى الله عليه وسلم، يقترب بجيشه من منازلهم حتى انسحبوا منها فارين، وهربوا إلى رؤوس الجبال، وذلك بعد أن نقلت إليهم عيونهم خبر اقتراب جيش المسلمين من ديارهم، ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم.

بجيشه عسكر في ديارهم، ثم بث السرايا من رجاله ليتعقبوا هؤلاء الغادرين، ويأتون إليه بمن يقدرون عليه، واستمرت السرايا النبوية في البحث والمطاردة يومين كاملين إلا أنها لم تجد أي أثر لهذه القبائل، إذ تمنعت في رؤوس تلك الجبال الشاهقة، وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم، في ديارهم يومين لإرهابهم وتحديهم، وليظهر لأعدائه مدى قوة المسلمين، وقدرتهم على الحركة حتى إلى قلب ديار العدو، فاغتنم فرصة وجوده بجيشه قريبا من مكة، فقرر أن يقوم بمناورة عسكرية يرهب بها المشركين هناك، فتحرك بجيشه حتى نزل به وادي عُسفان وهى قرية بين مكة والمدينة، واستدعى أبا بكر رضي الله عنه، وأعطاه عشرة من أصحابه، وأمره بأن يتحرك بهم نحو مكة ليبث الذعر والفزع في نفوسهم.

فاتجه أبو بكر بالفرسان العشرة نحو مكة حتى وصل بهم كراع الغميم، وهو واد بين مكة والمدينة، وهو مكان قريب جدا من مكة، فسمعت قريش بذلك، فظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم، ينوي غزوها، فانتابها الخوف، وساد صفوفها الذعر، وهذا هو الذي هدف إليه النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصديق وفرسانه العشرة فبعد أن وصلوا كراع الغميم، وعلموا أنهم قد أحدثوا الذعر والفزع في نفوس أهل مكة، عادوا سالمين إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فتحرك بجيشه عائدا إلى المدينة وهو يقول ” آيبون، تائبون، لربنا حامدون “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى