القصة والأدب

سيدنا ابراهيم ابو الانبياء

جريدة الاضواء

بقلم احمدفاروق الوليلي
قصة سيدنا ابراهيم ابو الانبياء
الحلقه الثالثة….

سيدنا إبراهيم ساب بلد قومه [ العراق] وسافر هو وزوجته ساره.. وفي الطريق مرّ على أرض حاكم جبّار وظالم [ يُقال أنها مصر] .. وهناك أعوان الجبار أول ماشافوا جمال ستنا سارة بلّغوا الحاكم أنه ” قد قدِم أرضك إمرأة لاتنبغي إلا لك” .. فأمرهم يجيبوها ويتحققوا من أمر الراجل إللي معاها ؛ لو كان جوزها يقتلوه , لو كان أخوها يسيبوه.
سيدنا إبراهيم طلب من ستنا ساره تقول لهم إنها أخته .. بإعتبار إنها فعلاً أخته في الاسلام ..وبما إنه كان متأكد إن ربنا هينجيّها ويحميها , لكنه ساعتها كان مُخيّر بين الكدب والقتل فحب إنه يبعد أخطر الضررين بإختيار أهونهما لينجو هو وزوجته ..

[وهي دي تالت كدبة كدبها سيدنا إبراهيم زي ما سيدنا النبي ذكر في الحديث الصحيح .. والكدبتين التانيين لما قال “ِإنِّي سَقِيمٌ” علشان مايروحش مع قومه فيقدر يكسّر الاصنام , ولما قال “بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا” عشان يبيّن للكفار عجز آلهتهم عن حماية نفسها وعجزها حتى عن الرد على سؤالهم ..
ناخد بآلنا إننا بنقول على دول كذبات رغم إن المُراد بيهم في كل مرة كان مصلحة الدين ونصرة الله مش أي مصالح شخصية , حتى لما أراد حماية نفسه كان لإستمرار الدعوة والرسالة , وإلا فـ الموت للأنبياء والصالحين أفضل بالنسبالهم من الحياة لإنهم موعودين بالجنة مُخلّدين فيها بينما الدنيا بالنسبالهم هُم مُبتلين بيها!
فـ تصنيف الكذبات دي هيكون من الكذب الحسن المحمود ,

الحُراس أخدوا السيدة سارة , وسابوا سيدنا إبراهيم .. ستنا سارة كانت بتدعي بمنتهى اليقين والتضرّع , فـ أُستجيبت الدعوة و كانت بشاير الإستجابة إن كل ما الجبّار يحاول يقرّب منها إيده تنقبض .. فيقولها “ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله أن لا أضُرّك”
فتدعي , وربنا يستجيب .. فييرجع سليم , لكنه يحاول يقرّب تاني فتدعي عليه فإيده تنقبض , فيقول لها نفس الكلام تاني …
واتكرر الموضوع تلات مرات لحد ما في المرة التالتة نادى الحرس وإتهمهم إنهم جايبنله شيطان مش إنسان! أمرهم يرجّعوها لإبراهيم وييبعتوا معاها هاجر .. ستنا هاجر اللي كانت ساعتها جارية عنده أرسلها مع ستنا سارة عشان تخدمها بإعتبار إنه ” لايليق بمثل هذه أن تخدم نفسها”

ستنا سارة رجعت لسيدنا إبراهيم وكان بيصلي , حكتله إللي حصل و إبتدت رحلتهم كلهم للشام .. ودي البلد إللي استقروا فيها.
ستنا سارة لما يأست من الإنجاب وَهبت هاجر لسيدنا إبراهيم عشان تبقى مَلكة يمين ليه أو زوجة تانية أو ما شابه.
وكأن زيارتهم لمصر كانت سبب عشان تنضم ليهم ستنا هاجر إللي هتبقى فيما بعد والدة سيدنا إسماعيل إللي من نَسله هيجي حبيبنا النبي صلوات الله وسلامه عليه.

ستنا هاجر لما خلّفت من سيدنا إبراهيم طفل اسمه إسماعيل غارت ستنا سارة .. فربنا أمر سيدنا إبراهيم إنه ياخد هاجر وإسماعيل و يذهب بهم إلى مكة ..والأصعب من كده إنه مأمور يسيبهم هناك .. و ده ليه حكمة ربانية عظيمة هتظهر بعد كده..
سيدنا إبراهيم نفّذ , رغم صعوبة الفراق و وحشة المكان وخوف الأب على طفله الرضيع في مكان لا أكل فيه ولا مياه , إلا إنها أوامر الرحمن ولابد أن تُطاع.
سابهم تحت شجرة في مكة وكان إبتدا يبعد عنهم لما ستنا هاجر جريت وراه تسأله رايح فين وسايبنا في مكان مهجور زي ده! .. ما ردّش ، ما استجابش ، حتى إنه ما إلتَفَتش..
ستنا هاجر فهمت تصرّفه فسألته “آلله أمرك بهذا ؟ ” فأجاب نعم .. بمنتهى الثقة قالت ” فلن يُضيّعنا ”
_
سيدنا إبراهيم سابهم ودعالهم وساب معاهم كيس تمر وقِربة ميّة .. ستنا هاجر فضلت فترة تاكل وتشرب منهم وترضّع ابنها .. لكن المشكلة ظهرت أول ما الميّة والتمر خلصوا , إبتدا الطفل يعيط ولونه يتغيّر من كتر الجوع
مابَقِتش عارفة تعمل إيه .. جريت وبعدت عنه من كتر ماهي مش قادرة تشوفه كده , حاولت تتصرف , صعدت على جبل قريب منها ‘اسمه الصفا‘ .. لعلها تلاقي حد جاي أو قافلة معديّة من بعيد .. مالاقِتش.

رجعت للطفل تطمّن عليه .. ولما قرّبت منه أسرعت في المشي شوية من لهفتها عليه‘ .. لاقيته زي ماهو وحالته بتسوء وبيشهق جامد كأنه هيموت .. جريت على الجبل إللي في الناحية المُقابلة .. ‘وكان اسمه المروة‘ .. تدّور على حد معدّي ؟ مفيش .. رجعت تاني تشوف الرضيع إسماعيل وتطمن عليه .. وبعدها طلعت تاني على جبل الصفا يمكن حد يكون عدّى المرادي, بردو مفيش .. فضلت تروح وتيجي بين الجبلين 7 مرات لعلها في مرة منهم تلاقي حد تستنجد بيه.. [ ومن هنا شُرع لنا السعي بين الصفا والمروة 7 مرات .. والمنطقة بين الجبلين إللي مُخصصة للهرولة ومتعلّمة حاليا بأضواء خضرا , دي إللي كانت بتسرّع في المشي شوية فيها عشان تطمن على سيدنا اسماعيل إللي كان أساساً في نص المنطقة دي تقريباً ]

في المرة السابعة لسعيها , نزل سيدنا جبريل طمّنها وقالها ” لاتخافي الضيعة فإن ها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله ”
وضرب بإيده الأرض تحت قدم سيدنا إسماعيل فإنفجر بئر زمزم .. ومن ساعتها وهو عين ماء لا تجف حتى قيام الساعة.
السيدة هاجر فضلت قاعدة فترة لانعلمها , لحد ما قافلة عدّت [من قبيلة اسمها جُرْهُم] ..لَمَحوا طائر بيحوم حوالين الوادي من بعيد فاستغربوا ! قالوا الطائر ده أكيد بيحوم حوالين ميّة! بس إحنا عمرنا ماشوفنا في الوادي ده أي مياه!
فـ بَعتوا حد منهم عشان يتأكد .. لاقوه رِجع بميّة فعلا ! راحوا كلهم واستأذِنوا السيدة هاجر يسكنوا معاهم وهي وافقت وبعتوا لأهاليهم يجوا يعيشوا معاهم .. وبكده يتعمّر الوادي و تُستجاب دعوة سيدنا إبراهيم حرفياً ” فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ “.
_
سيدنا إبراهيم كان خليل الله وهو النبي الوحيد إللي ربنا ذكره في كتابه بالصِفة دي ..{ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} .. ودي منزلة أكبر من الحب بكتير.. في الوقت إللي كل الناس بتتمنى إنها تحس بجمال حُب ربنا , ربنا هو بنفسه الي حَب سيدنا إبراهيم وقرّبه منه وفضّله بالمكانة العظيمة دي

فلما إتولد سيدنا إسماعيل كان الطبيعي إن الأب يحب إبنه ويحتل مكانة كبيرة في قلبه , وده مش أي ابن , ده ابن جاي بعد إنتظار طويل وطلب من الله بدعوات كتير (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)
وبما إن ربنا بيغير على قلب عبده من أي حُب ينافس محبة الله في قلبه

فـ إقتضت الحكمة الربانية إنه يظهِر محبة سيدنا إبراهيم لربه عن طريق إختباره بأمر ذبح ابنه!
ربنا ماكنش غرضه إن الخليل يذبح سيدنا إسماعيل فعلاً , لأن القتل محرم في جميع الأديان .. لكنه كان مجرد إختبار لتطهير قلب خليل الله من أي حب ينافس حب الله.

ولإن سيدنا إبراهيم كان أهل للمنزلة العالية إللي ربنا إدهاله , فكان قـد الإختبار , ورغم حُبه الشديد لإبنه إسماعيل خصوصاً إنه جاله بعد طول إنتظار .. إلا إنه فضّل إتباع أمر ربنا وكان متأكد إن في حكمة هو مايعرفهاش.
سيدنا إبراهيم كان أخد القرار بإتباع أمر ربنا فعلاً , ومع ذلك ماحبش يبقى ديكتاتوري ويقول لابنه الأمر على طول
فـ قبل أي حاجة سيدنا إبراهيم راح لسيدنا إسماعيل وأخد رأيه وقاله (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ)

كان رد سيدنا إسماعيل (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) .. [آية 102 : سورة الصافات]
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) سلّموا أمرهم لربنا وسلّموا بحكمته و رضيوا بأمره وقالوا أشهد

وفي الأول و في الاخر دي كلها اجتهادات العلماء في محاولة تفسير كتاب الله , وربنا وحده الأعلى والأعلم بما يُصيب ويُخطئ منها .. قال تعالى “وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى