غير مصنف

الدولة العباسية وأسرة البرامكة

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير والكثير عن الدولة العباسية وخلفاء الدولة العباسية، وقيل أنه كانت أسرة البرامكة غرة على جبين الدولة العباسية، لما كان لها من المآثر والفضائل والسخاء الشديد، والأعمال العظيمة في الدولة وخاصة أيام هارون الرشيد، فيحيى بن خالد البرمكي كان مسؤولا عن تربية الرشيد، وزوجته كانت مرضعته أيضا، وقد حافظ لهارون على ولاية العهد عندما هم موسى الهادي بخلع أخيه الرشيد، وهو الذي قام على أمر وزارة الرشيد حتى فوض له هذا الأخير كل الأمور، أما ابنه الأول الفضل البرمكي فكان أخا الرشيد في الرضاعة والمسؤول عن تربية الأمين بن هارون الرشيد، واستطاع أن يقضي على فتنة يحيى بن عبد الله في بلاد الديلم.

وولى خراسان وغيرها، واتخذ من جندها جيشا كبيرا تعداده خمسين ألف جندي، وقد جعل ولاءهم له مباشرة، وسماهم العباسية، أما جعفر بن يحيى البرمكي فهو نديم الرشيد وخليله في المجالس، فقد قضى على العصبية القبلية في الشام سنة مائه وثمانين من الهجره، ثم جعل له الرشيد ولاية خراسان والشام ومصر، وجعله مسؤولا عن تربية ابنه المأمون، أما موسى، وهو الابن الثالث ليحيى البرمكي، فكان قائدا عسكريا كبيرا، وتولى أمر الشام سنة مائه وسته وثمانين من الهجره، في حين أن محمد الابن الرابع لم يكن له ذكر معلوم في التاريخ، ودوره في فترة وزارة البرامكة يحيطه الغموض، وقد استمر البرامكة في وجودهم في مركز صناعة القرار حتى كانت نهايتهم في عهد الخليفة هارون الرشيدز

الذي قضى عليهم في حدث تاريخي يسمى نكبة البرامكة، وقد اختلف المؤرخون فيما بينهم في السبب الذي دفع الرشيد إلى التخلص منهم على الرغم من أعمالهم العظيمة، وقد انتهت النكبة بقتل جعفر بن يحيى وسجن البرامكة عام مائة وسبعه وثمانين من الهجره، ويحيى بن خالد البرمكي كان كاتب هارون الرشيد قبل أن يلي الخلافة، ثم أصبح وزيره بعد أن تولاها، وأصبح هو وأولاده الفضل وجعفر من علية القوم في الخلافة الرشيدية، وكان أشهر رجال عصره علما وأدبا وفضلا وجودا ونبلا، وكان من رجال الدهر حزما ورأيا وسياسة وعقلا، حذقا بالتصرف، وكان الرشيد يعتبره أباه بعد المهدي لشدة تعلقه به، وكان في الثانية عشرة من عمره حين قامت الدولة العباسية، فتربى في ظلها.

وشمله الخليفة المنصور بعطفه فولاه أذربيجان عام مائة وثمانية وخمسين من الهجرة، واختاره المهدي كاتبا ونائبا لابنه هارون، فخرج معه في الصائفة لغزو البيزنطيين، ولما تولى الرشيد بلاد المغرب، ساعده يحيى على النهوض بأعبائها، وأخلص له الإخلاص كله، ولما أراد الهادي أن يخلع أخاه الرشيد من ولاية العهد، نصحه بالعدول عن ذلك، ولذلك عينه الرشيد وزيرا بعد توليه خلافة الدولة واستعان بأولاده الفضل وجعفر وموسى ومحمد، وقد نهض يحيى بأعباء الدولة أتم نهوض وسد الثغور، وتدارك الخلل، وجبي الأموال، وقام بتعمير الأطراف، وأظهر رونق الخلافة، وتصدى لمهمات المملكة، وكان كاتبا بليغا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى