القصة والأدب

الدكروري يكتب عن ابن خلدون والسبب الأساسي في الإزدهار الحضاري

الدكروري يكتب عن ابن خلدون والسبب الأساسي في الإزدهار الحضاري

الدكروري يكتب عن ابن خلدون والسبب الأساسي في الإزدهار الحضاري

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر عن نظرية تأسيس الدولة لابن خلدون أنه ركز ابن خلدون على الصناعة جاعلا منها السبب الأساسي في الازدهار الحضاري إن الصنائع إنما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته، إن رسوخ الصنائع في الأمصار إنما هو برسوخ الحضارة وطول أمدها، كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن النوع الإنساني لا يتم وجوده إلا بالتعاون، لعجز الإنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده، حيث أن الصنائع في النوع الإنساني كثيرة بكثرة الأعمال المتداولة في العمران، فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد مثل الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة والطب، أما القيمة فهي في نظره وهي قيمة الأعمال البشرية.

 

فاعلم أن ما يفيد الإنسان ويقتنيه من المتمولات إن كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله، إذ ليس هناك إلا العمل، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، إلا أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر، وإن كان من غير الصنائع فلا بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به، إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها، فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها إنما هي قيم الأعمال الإنسانية، ولم يغفل أيضا عن مقولة القيمة الزائدة، وإن لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه، وجميع ما شأنه أن تبذل فيه الأعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك الأعمال عليه، فهو بين قيم للأعمال يكتسبها، وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها، فتتوفر عليها.

 

والأعمال لصاحب الجاه كبيرة، فتفيد الغني لأقرب وقت، ويزداد مع مرور الأيام يسارا وثروة، ومن كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات، ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في الإنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية، فهو يرى أن حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحو هذا التدخل ولكن النتيجة حينئذ تكون بعكس القصد، ويكتب ابن خلدون فيقول اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها، واحتاجت إلى مزيد المال والجباية، فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب معدلات أسعار، المكوس إن كان قد استحدث من قبل.

 

وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك أي امتصاص عظامهم، لما يرون أنهم قد حصلوا على شيء طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان أو المحاسبون، وتارة باستحداث التجارة والفلاحة للسلطان على تسمية الجباية باسم الجباية، لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم، وأن الأرباح تكون على نسبة رؤوس الأموال، فيأخذون في اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة الأسواق، ويحسبون ذلك من إدرار الجباية وتكثير الفوائد، غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى