مقال

الدكروري يكتب عن صاحب كتاب جمهرة أنساب قريش

الدكروري يكتب عن صاحب كتاب جمهرة أنساب قريش

الدكروري يكتب عن صاحب كتاب جمهرة أنساب قريش
بقلم / محمـــد الدكرور
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام الزبير بن بكار وهو صاحب كتاب جمهرة أنساب قريش وأخبارها، وروي عن الزبير بن بكار قال، قالت بنت أختي لأهلنا خالي خير رجل لأهله لا يتخذ ضرة وسرية، قال تقول المرأة والله هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر، وقال محمد بن إسحاق الصيرفي سألت الزبير منذ كم زوجتك معك ؟ قال لا تسألني ليس ترد القيامة أكثر كباشا منها، ضحيت عنها سبعين كبشا، وقال أبو بكر الخطيب كان الزبير ثقة ثبتا عالما بالنسب وأخبار المتقدمين، وله مصنف في نسب قريش، والزبير بن بكار قد أولاه الخليفة المتوكل رعاية خاصة، فعيّنه قاضيا على مكة المكرمة سنة مائتان واثنين وأربعين من الهجرة، ولكن يبدو أن نشاط الحياة العقلية.

في دار الخلافة، كان أكثر اجتذابا له، فكان يرجع مرارا إلى حاضرة الإسلام وهي بغداد بين سنتي مائتان واثنين وأربعين ومائتان وثلاث وخمسين للهجرة، ويتنقل بينها وبين مكة والمدينة لملاقاة العلماء، ولتدريس مصنفاته في حلقات بغداد، وقد طلبه الخليفة المتوكل لتأديب ولده طلحة الملقب بالموفق، وأمر له من أجل ذلك بعشرة آلاف درهم، وعشرة صناديق ثياب، وعشرة بغال يُحمل عليها متاعه، وقد أجمع مترجموه على أنه كان راوية صادق الرواية، وأنه كان ثبتا، وعلى الإشادة بعلمه ونبالة قدره، وقد عُرف من أفراد أسرة الزبير بن بكار الأدنين، ابنه مصعب الذي تتلمذ لأبيه الزبير، وكان عالما ثقة، كما عُرف أبوه بكار الذي توفي سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة، وكان سن ابنه الزبير يومئذ ثلاث وعشرين سنة.

وترك الزبير بن بكار تصانيف كثيرة نافعة ومتنوعة في النسب، وأخبار العرب، والوفود، والنوادر، وأخبار عدد من الشعراء، ونحو ذلك، وقد بلغ عددها نحو خمسة وثلاثين كتابا، وهي جميعها تشهد بسعة علمه ودقة ملاحظاته وعظم ثقافته الأدبية والإخبارية، ولكن لم يصل منها سوى ثلاثة كتب مطبوعة، أحدها بعنوان أخبار أبي دهبل الجُمحي، والآخران من أهم كتبه لكثرة تداولهما بين أيدي الناس دون غيرهما من مؤلفاته وهما كتاب جمهرة نسب قريش وأخبارها، وهو كتاب كبير الحجم، لم يصل كاملا، وتم نشر الجزء الأول منه بمصر العلامة محمود محمد شاكر سنة ألف وثلاثمائة وواحد وثمانين من الهجرة، ويرد عنوانه في المصادر بصيغ أخرى، وعلى هذا الكتاب اعتماد الناس في معرفة أنساب القرشيين.

وكتاب الأخبار الموفقيات، وهو مجموع ضخم يتضمن أخبارا ونوادر وقصصا تاريخية تدور حول الخلفاء ورجال البلاط وتشمل أقطارا عدة، وقد ألفه الزبير لتلميذه الموفق بن المتوكل العباسي، ويقع في تسعة عشر جزءا، ولكن لم يصل كاملا، وما بقي منه سالما وتم طبع بعضه أول مرة المستشرق وستنفلد وكان ذلك سنة ألف وثمانمائة وثماني وسبعين ميلادي، ثم أعاد تحقيقه سامي مكي العاني وضمّ إليه أجزاء أخرى مخطوطة عثر عليها، ومقتطفات كثيرة منثورة في بطون الكتب، وطبعها جميعا في مجلد واحد ونشر في بغداد سنة ألف وتسعمائة واثنين وسبعين ميلادي، أما باقي كتب الزبير بن بكار فإنها فقدت جميعا وبقيت أسماؤها في بطون المصادر والمراجع، منها ما جمع فيه أخبار كل شاعر على حدة، مثل أخبار حاتم الطائي.

وأخبار أميّة بن أبي الصلت، وأخبار حسان بن ثابت، وأخبار عمر بن أبي ربيعة، وأخبار ابن هرمة، ومنها في موضوعات أخرى مثل نوادر أخبار النساء، ومزاح النبي صلى الله عليه وسلم، وكتاب النخل، وأخبار المدينة وغيرها، وهذه الكتب كانت مادة لكثير من المصنفات التي تم تأليفها بعده مثل مروج الذهب، والاستيعاب، والروض الأنف، وشرح نهج البلاغة، والإصابة، وخزانة الأدب، للبغدادي وغيرها، وتوفي الزبير لتسع بقين من شهر ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين، بمكة وقد بلغ أربعا وثمانين سنة، وصلى عليه ابنه مصعب بن الزبير بن بكار، وكان سبب وفاته أنه وقع من فوق سطحه، فمكث يومين لا يتكلم ومات وانكسرت ترقوته ووركه، وتم دفنه إلى جانب قبر علي بن عيسى الهاشمي في مقبرة الحجون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى