القصة والأدب

الدكروري يكتب عن أبو عبد الله بن فرح الأنصاري

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أبو عبد الله بن فرح الأنصاري

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

 

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام القرطبى وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر، وقد ولد في قرطبة فى أوائل القرن السابع الهجري وعاش بها، ثم انتقل إلى مصر حيث استقر بمُنية بني خصيب في شمال أسيوط، ويقال لها اليوم المنيا، وبقي فيها حتى توفي، وقيل عنه أنه كان إماما عالما غواصا من الغواصين على معاني الحديث، حسن التصنيف، جيد النقل وقيل عنه هو العالم الإمام الجليل الفاضل الفقيه المفسّر والمحصّل، والمتقن، الكامل، وكان من عباد الله الصالحين، والعلماء العاملين، وقد أقبل القرطبي منذ صغره على العلوم الدينية والعربية إقبال المحب لها، والشغوف بها.

 

ففي قرطبة تعلم العربية والشعر إلى جانب تعلمه القرآن الكريم، وتلقى بها ثقافة واسعة في الفقه والنحو والقراءات وغيرها على جماعة من العلماء المشهورين، وكان يعيش آنذاك في كنف أبيه ورعايته، وبقي كذلك حتى وفاة والده سنة ستمائه وسته وعشرين من الهجرة، وكان إلى جانب تلقيه العلم ينقل الآجُر لصنع الخزف في فترة شبابه، وقد كانت صناعة الخزف والفخار من الصناعات التقليدية التي انتشرت في قرطبة آنذاك، وكانت حياته متواضعة، إذ كان من أسرة متوسطة أو خاملة مع علو حسبه ونسبه، إلا أنه أنبه شأن أسرته، وأعلى ذكرها بما قدم من آثار ومؤلفات، وكان رحمه الله تعالى كثير المطالعة، مجدا في التحصيل، وكثير الحديث عما يشكل، وكان يحب الكتب حبا جما.

 

ويحرص على جمعها واقتنائها، حتى لقد تجمع لديه منها مجموعات كثيرة منوعة، ولو أن باحثا قام بجمع موارده في تفسيره فقط، لتجمع لديه الشيء الكثير، والعجب العجاب من آثار المشرقيين والمغربيين معا، وإليك مثال من حبه للكتب وشغفه بالمطالعة، من كتابه التذكرة فقط قال رحمه الله وكنت بالأندلس قد قرأت أكثر كتب المقرئ الفاضل أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان، ولقد عاش مأساة الأندلس، فقد ظل بقرطبة حتى سقوطها، وخرج منها نحو عام ستمائه وثلاثه وثلاثون من الهجرة، فرحل إلى المشرق طلبا للعلم من مصادره، فانتقل إلى مصر، التي كانت محطا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم، فدرس على أيدي علمائها، واستقر بها.

 

وإن العهد الذي وفد فيه القرطبي إلى مصر كانت محطا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم وأجناسهم إذ وجدوا فيها أمنا فقدوه في ديارهم، ومن هنا ندرك المكانة التي كانت تتمتع بها مصر لدى العلماء الذين وفدوا إليها من كل الأقطار، وهو ما جعل الإمام القرطبي يَقصدها مباشرة بعد سقوط قرطبة، وذلك ليلتقي بهؤلاء العلماء ويأخذ عنهم، ويؤيد هذا ما نقلته المصادر من تنقلات القرطبي في بلاد مصر، من منطقة لأخرى، باحثا عن العلماء، ومن ذلك تنقله إلى الإسكندرية، والقاهرة، والفيوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى