مقال

الدكروري يكتب عن الغرض من المنسك العظيم لفريضة الحج

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الغرض من المنسك العظيم لفريضة الحج

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فريضة الحج وأن غرض هذا المنسك العظيم إعلان توحيد الله تعالى، وإقامة ذكره، وتكريس العبودية له سبحانه في أظهر صورها، وأبين شعائرها حيث السفر لأدائه، والتجرد من الملابس للإحرام به، وكثرة الأعمال التي فيها مشقة، وإن مظاهر التوحيد في مناسك الحج كثيرة، وما من شعيرة من شعائره، ولا مشعر من مشاعره إلا وفيه من تكريس التوحيد قولا وفعلا ما يدل على أن المناسك إنما شرعت لأجل ذلك، ويكفي دليلا عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم ” إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمى الجمار لإقامة ذكر الله” رواه أبو داود، فالإحرام والإهلال والطواف والسعي والمبيت بمنى ورمي الجمار، وكل مناسك الحج هي لإعلان التوحيد.

 

وإقامة الذكر، ومشعر عرفة مشعر تهفوا إليه قلوب الموحدين، وتشرئب له أعناق المؤمنين، وكم سالت المدامع لرؤية الحجاج فيه غبطة لهم، وشوقا إلى الوقوف فيه، وأما عن عرفة وما أدراكم ما عرفة؟ عرفة ركن الحج الأكبر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ” الحج عرفه من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج” رواه أهل السنن إلا أبا داود، وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى “تواطأت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين من بعدهم من علماء الأمصار أن إدراك الحج هو أن يطأ المرء عرفات مع الناس أو بعد ذلك إلى قرب الصبح من ليلة النحر فان أدركه الصبح ولما يدخل عرفات قبل ذلك فقد فاته الحج، ولا اختلاف بين أهل العلم في ذلك”

 

وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم العظيم، والوقوف بعرفة مظهر من مظاهر التوحيد إذ تؤم ذلك الموقف جموع الحجيج لا غاية لهم إلا امتثال أمر الله تعالى، والإذعان لشريعته حين جعل الوقوف بعرفة منسكا من مناسك الحج، وشعيرة من شعائره، وإظهار الشعائر الدينية دليل على الإذعان والانقياد، ودعوة صريحة للتوحيد، فكم تأثر بمظهر الحجيج وهم وقوف بعرفة من عصاة فتابوا، ومن كفار فآمنوا، ومن مؤمنين بكوا تعظيما لله تعالى حين رأوا هذه الجموع الغفيرة قدمت من كل فج عميق، وتحملت بعد الشقة، وبذل النفقة، وشدة الزحام، لا لطلب شيء من الدنيا، وإنما لتعظيم شعائر الله تعالى، وإظهار دينه، وإعلان توحيده، وإن يوم عرفة هو يوم الدعاء، وهو دعاء الثناء.

 

ودعاء المسألة، والدعاء أبلغ العبادات وأظهرها، وأدلها على انعقاد القلب على التوحيد، وأكثر الشرك في البشر إنما وقع من جهة الدعاء فقال تعالى فى سورة الجن ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا” وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” الدعاء هو العباده” رواه الترمذى، وقد جاء فى الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير الدعاء دعاء عرفه، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا إلله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير” رواه مالك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى