مقال

د. سيد رشاد . حركة الأفروستريك تشكل حملة شرسة ضد مصر والمصريين

د. سيد رشاد . حركة الأفروستريك تشكل حملة شرسة ضد مصر والمصريين

د. سيد رشاد . حركة الأفروستريك تشكل حملة شرسة ضد مصر والمصريين

كتبت أزهار عبد الكريم

قال دكتور سيد رشاد. أستاذ مساعد بجامعه القاهرة ومنسق عام الطلاب الأفارقة الوافدين وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة أن حركة الأفروستريك تشكل حملة شرسه ضد مصر والمصريين .
حيث أضاف أن لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة تقوم بدور غاية فى الأهمية فى ترشيح الأعمال المهم والمفيدة للقارئ العربي والمصري
كما أكد على ضرورة الحفاظ على هوية الشعوب وتعزيز الوعي ونشر المفاهيم الصحيحة وترسيخ مفاهيم التعايش السلمي بين الشعوب.
وإلى نص الحوار

فى وقت كثر فيه تزبيف الحقائق وسرقه الهوية تحاول بعض الجماعات العرقية المتطرفة مثل الافرو سنتريك اشعال صراع وهمي بين المصريين والأفارقة مثل ما حدث في الفيلم الوثائقي كليوباترا السمراء . لصالح من يتم تفجير مثل هذه القضايا ؟

# إن حركة الأفروسنتريك ليست بالحركة الجديدة فجذورها تعود إلى القرن العشرين، وكان لها رواد ومدافعين من الأفارقة سواء على أرض إفريقيا أمثال الشيخ أنتا ديوب السنغالي، أو الأفارقة في المهجر وخاصة الأمريكيين من ذوي الأصول الأفريقية، وكانت الحركة في البداية تسعى لإثبات حقوق الأفارقة فيما وصل إليه الغرب من تقدم، لأن الغرب قد استولى على تاريخهم وحضارتهم واستعبدهم من أجل بناء حضارته، ولكن سرعان ما اتخذت الحركة شكل حملة شرسة ضد مصر والمصريين في محاولة لإثبات أن الأفارقة السود هم أصل الحضارات وأن مصر القديمة هى في الأساس إفريقيا السوداء التي انتشرت منها الحضارة لربوع العالم. ولعل الجدال الذي أثير حول الفيلم الوثائقي الذي ظهرت فيه شخصية الملكة كيلوباترا المصرية سمراء، يجعلنا نلفت الأنظار إلى أهمية الدفاع عن هويتنا وأصولنا وتعزيز الوعي لدى الأجيال الحالية بجذورنا وبحضارتنا الضاربة بجذورها في عمق التاريخ حتى نشكل حائط صد أمام مثل هذه الحملات الشعواء التي تستهدف تزييف التاريخ والقفز على منجزاتنا وتشويه صورة الحضارة المصرية القديمة التي هى مهد حضارات العالم بأسره، ولا أبالغ إن قلت إن هذه الحملات تقف وراءها جماعات بل وأجهزة بأكملها هدفها الأول هو التشكيك في أصول المصريين وجذورهم متخذة من ذلك مدخلاً لزرع اليأس والإحباط بهدف إضعاف الشعوب من الداخل والنيل من تماسكها والمساس بحاضرها ومستقبلها ..

وهل لهذه الحركة تواجد حقيقي في أفريقيا أم أنها مجرد دعايها أمريكيه في اطار الحرب الثقافية ضد مصر ؟

# كما قلت سابقاً إن مصطلح الأفروسنتريك ظهر في الربع الأخير القرن الـ 20 على يد الباحث الأمريكي موليفي أسانتي وهو من أصل إفريقي، والمصطلح يعبر عن حركة فكرية ثقافية سياسية أيضاً تسعى لإبراز الإسهام الإفريقي في بناء حضارات العالم المختلفة. فهذه الحركة تسعى لإثبات تفوق الأفارقة الحضاري والثقافي التاريخي عبر نسبهم حضارة عظيمة كالحضارة المصرية القديمة لهم بادعائهم أنها كانت حضارة إفريقية في أصلها. وثمة تواجد للحركة في إفريقيا بالفعل فنجد في السنغال واحداً من أبرز مفكريها وهو الشيخ أنتا ديوب الذي ألف كتاباً بعنوان (الأصول
الزنجية للحضارة المصرية)، الذي يحاول فيه إثبات أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة إفريقية الأصل. ولا تزال دعوة أنتا ديوب تلاقي رواجاً بين عدد من المثقفين الأفارقة بل وفي أوساط الأفراد العاديين في العديد من الدول الإفريقية لاسيما الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.

من مفهوم الحروب الثقافية ما هو الدور الرقابي للجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة لرصد وتقييم والحد من هذه الكتب التي لها مردود غير محمود على التراث الحضاري والثقافي المصري ؟

# إن لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة واحدة من أهم اللجان المعنية بالترجمة ونقل الثقافات الأخرى ومن بينها الثقافات الإفريقية من خلال الترجمة من اللغات الإفريقية المحلية كالسواحيلية والهوسا والأمهرية وغيرها أو اللغات الوسيطة كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية إلى اللغة العربية والعكس، ومن ثم فهى تقوم بدور غاية في الأهمية في نشر الوعي لدى المصريين بالثقافات الإفريقية ولدى الأفارقة بالثقافة العربية. واللجنة تقوم بدور مهم في ترشيح الأعمال التي تراها مهمة ومفيدة للقارئ العربي والمصري، كما تطرح اللجنة مسابقة للترجمة كل عام لشباب المترجمين وخاصة الترجمات من اللغات الإفريقية الكبرى، إلى جانب عقد الندوات التعريفية بالترجمة وأهميتها وفنونها وأداوتها وكيفية صناعة المترجم، وتقوم اللجنة باستهداف الجمهور الخارجي أيضاً كطلاب الجامعات والأفراد العاديين والمثقفين من خلال جولاتها بالجامعات المصرية وقصور الثقافة وتعاونها مع مختلف الجهات واللجان الأخرى بالمجلس الأعلى للثقافة لتعزيز الوعي بالترجمة وتحفيز الشباب على اقتحام مجال الترجمة لدعم الحركة الثقافية المصرية والعربية بما يصب في صالح تقدم الأمة ونهضتها. وثمة جهود مبذولة لتعزيز الدور الرقابي للجنة وتوسيع مناشطها وصلاحيتها لتوجيه حركة الترجمة في مصر ووضعها على المسار الصحيح وتجنب أي أعمال ضارة أو هدامة عبر آليات وضوابط فاعلة..

هُوية إية أمة أو مجتمع هى الصفات التي تميزها عن غيرها من باقى الأمم لتعبر عن شخصيتها الحضارية وهى الموروث والتراث الثقافي طويل المدى .كيف نصحح المفاهيم الملتبسة ونزيل الخلط بين المفهوم الثقافي و مفهوم اله‍ُوية وكيف نستطيع الحفاظ على الهُوية الوطنية لكل دولة ؟

# ثمة تداخل كبير بين الهوية والثقافة، لدرجة يصعب معها أحياناً الفصل بينهما أو القول بأن إحداهما حاوية للأخرى أو أيهما يسبق الآخر، فلكل شعب هويته التي تميزه عن غيره من الشعوب، ولكل شعب ثقافته أو مجموعة من الثقافات إذا جاز التعبير، فهناك الثقافة الفردية وهناك الثقافة المجتمعية وما إلى ذلك من مسميات. ولا شك أن الهوية والثقافة بينهما قوسام مشتركة لعل أبرزها الجماعة أى المجتمع البشري، والأرض الحاضنة لهم واللغة المستخدمة للتفاهم والدين والعرق واللون …إلخ.
إن أول ما يمكن القيام به للزود عن مقدرات الأمم والحفاظ على هوية الشعوب هو تعزيز الوعي ونشر المفاهيم الصحيحة بين الأفراد، والتأكيد على ميزات كل شعب وعناصر تفرده والقواسم المشتركة التي تربطه بغيره من الشعوب، وترسيخ مفاهيم التعايش السلمي والتسامح والإخاء بين الشعوب، والتصدي للأفكار الهدامة وحملات الغزو الفكري والثقافي الرامية إلى هدم الدول وتدمير الشعوب من الداخل بأدوات ووسائل شتى، منها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائل التكنولوجية الحديثة. إن التصدي لحملات طمس الهوية الإفريقية ليس مسئولية الدول والحكومات فحسب بل مسئولية العلماء والمثقفين والشباب المتعلم الواعين فلكل دور في مجابهة الغزو الثقافي ومحاولات النيل من الهوية الإفريقية عن طريق نشر الأفكار المغلوطة الهدامة، ومن ثم يتعين على الجميع الاطضلاع بدوره حيال حماية الأوطان والزود عنها والحفاظ على هويتها..

ادركت مصر منذ زمن بعيد وإلى الآن مدى أهمية تعميق الأواصر الثقافية وتوثيق العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول الأفريقية فقد أنشأت بعد ثورة يوليو الإذاعات الموجهة باللغات الأفريقية والسواحليه واللغه العربية .إلى إي مدى يمكن للتبادل الثقافي تعميق هذا الدور ؟

# لم تألو مصر على مدار تاريخها الطويل جهدا في دعم ومساندة الدول والشعوب الإفريقية، وكانت حريصة كل الحرص على مد جسور التواصل مع جاراتها الإفريقيات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ورأينا كيف وقفت مصر الناصرية إلى جوار الدول الإفريقية في سعيها للحصول على استقلالها من الاستعمار، وكيف كان لها الدور الأكبر في تاسس منظمة الوحدة الإفريقية في 25 مايو 1963، التي تحولت في عام 2002 إلى الاتحاد الأفريقي الذي يضم تحت مظلته الآن 55 دولة إفريقية.
ولقد كان لمصر اتصال ثقافي واضح من خلال الإذاعات الموجهة لإفريقيا والتي كانت تبث من القاهرة بأكثر من 30 لغة إفريقية على رأسها الهوسا والسواحيلية والفولانية والماندينكو والأمهرية والولوف وغيرها من اللغات الكبرى الأكثر انتشاراً وتحدثاً في القارة الإفريقية. كما حرصت مصر من خلال الأزهر الشريف وجامعة القاهرة والجامعات الحكومية على استقطاب الطلاب للدراسة بها فبلغ عدد الدارسين بمصر نحو على أرضها تقدر بال10 ملايين من بينها الجالية السودانية والجنوب سودانية والجالية التشادية والصومالية والنيجرية والموريتانية والمالية وغيرها كثير. وكل هذا يعد من قبيل التواصل العلمي والثقافي بين مصر والدول الإفريقية.
وتجدر الإشارة هنا أن التبادل الثقافي بين مصر والدول الإفريقية غاية في الأهمية، ولعل إنشار أقسام على في الجامعات المصرية لتدريس اللغات الإفريقية كالسواحيلية والهوسا والأمهرية والصومالية والفولانية يسهم بشكل كبير في مد جسور التواصل والتفاهم بين مصر والدول والشعوب الإفريقية الناطقة بتلك اللغات ويعزز فرص التقارب والتعاون وصولاً إلى تحقيق التكامل الإفريقي بمفهومه الشامل..

ماهي الصعوبات والمعوقات إلتى تواجه الأشقاء الأفارقة وكيف يتم التغلب عليها ؟

# لا شك أن هناك صعوبات تواجه الأفارقة مثلهم في ذلك مثل باقي الجاليات في أي دولة من دول العالم، خاصة في ظل الأزمات الأخيرة وعلى رأسها أزمة فيروس كورونا، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وما يشهده العالم بأسره من انكماش اقتصادي وأزمة مالية، فضلاً عن أن العديد من الأفارقة في الأساس فارين من حروب وصراعات داخلية في بلدانهم واستوعبتهم مصر كما استوعبت قبلهم الكثيرين ممن مروا بمحن وأزمات على مر التاريخ. والحق يقال إن مصر في عهد الجمهورية الجديدة وخاصة منذ أن تولى الرئيس عبدالقتاح السيسي مقاليد الأمور في مصر في عام 2014 انتهجت نهجاً جديداً في تعاملها مع القارة الإفريقية ووضع الرئيس السيسي الملف الإفريقي على رأس أولوياته، وتجلى ذلك في الاهتمام الكبير الذي أولاه الرئيس للدول الإفريقية وزياراته المكثفة لها،
وانعكس ذلك كله على تزايد أعداد الطلاب الأفارقة الدارسين على أرض مصر ،وتقديم العديد للتسهيلات لهم من خلال منظمة أدرس فى مصر التى أطلقتها وزارة التعليم العالي المصرية، علاوة على تخفيض الرسوم الدراسية للطلاب السودانيين ومعاملتهم معاملة الطلاب المصريين تقريباً. كل هذا أدى إلى التخفيف عن الطلاب الأفارقة وتحسين صورة مصر بشكل كبير لدى الكثيرين من الأفارقة …

شكراً جزيلاً دكتور سيد رشاد
أزهار عبد الكريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى