خواطر وأشعار

صديقى

جريدة الاضواء

خواطر
( محمد شبكة)

(صديقى )
إسأل نفسك .. ما الذي يجعلك تسمع بمصاب أحدهم فيعتصرك وجع يخالط كل زفرة فى صدرك ؛ لتنام وتقوم به كانه وجعك ، ما الذي يدفعك لمساعدة محتاج إستنجد بك ، فلم تهدأ إلا بعد أن أزلت غمته وأخذت بيده ، ما الذى يجعلك تقتص لمظلوم من ظالم ، أو من قوى لضعيف ، أو من جبار لمن لا حول له ولا قوة .
إنها إنسانيتك ، التى كسرت الحاجز الخرسانى بين اﻹنسان واﻹنسان ، وأعتقتك من رق الدوران فى دائرة ( اﻷنا ) ، وأطلقت سراح روحك من زنزانة اﻹنغلاق ، حيث لا ترى العين إلا نفسها .
كثيرون منا تداهمهم أوجاع الأصدقاء ، فيعيشون ألما حقيقيا يمرر عليهم أيامهم ، ويسحب إشراقهم ، ويقلص حتى إبتسامتهم .
وما أصعب حزن العاجز ، ما أصعب أن تصلب بين العجر واﻷلم ، حزن يرخى ستائره على نوافذ نفسك ، فلا تكاد تري نور شمس ، أو ضياء نهار ، ما أصعب حزن يشد الليل ليقيم تحت جلدك ، فلا تدرى شيئا عن الصباحات الجميلة أو المساءات الهانئة .

للحزن دائما زفرات موجعة لا تصدر إلا من القلب ، ولا يتوجع بها إلا القلب ، وكما أن للفرح رنينا فللأحزان أنين ، وإن كان الفرح ابن لحظته ، فإن وجيب الحزن طويل ، هناك حزن تدمع له عيناك قد يسرى عن بعض همك ، وهناك حزن أبكم تسوره بين ضلوعك بالصمت ليجز أوردتك ؛ هناك دائما لحظات حزن لا تنذرك ، ولا تهادنك ، ولا تترفق بك ، وثمة أحزان تسدد نصالها إلي القلب ، حيث وجعها خرافيا فتسقط ولا تتداعى ؛ وثمة أحزان تقويك وتصلب عودك ، وتمنحك فى زمن الشدة صبرا جميلا ، ويظل أصعب حزن ذلك الذي لا حيلة لك فيه ، حيث صديقك يتألم وينزف أوجاعا ، ولا تملك إلا كلمات لا تزيح هما ، ولا تخفف ألما ، ولا تعيد إبتسامة ، ما أصعب أن تقصفنا أوجاع صديق لنقع في عذابات الحيرة والعجز ؛ ما أصعب أن تري عيناك ما لا تتحمل رؤيته ، ويحس قلبك ما تود الهرب منه ، ويذوب وجدانك بما لا حيلة لك فيه ، ما أصعب حزن يستند بعضه على بعض ، مرة يتحول إلي إبتسامة منهوكة عبثا تحاول التسرية عن ذلك الحزن الذي يغرز نصاله في لحمك ؛ وأنت تقف عاجزا أمام أحزان صديق يتحدث همه عنه ، دون أن يحملك من وجعه ما يعرف انه سيحزنك .
لا أدرى لماذا سرحت فى ذلك الشعور اﻹنسانى البديع ، الذي ينمو أحيانا بين ناس هذا الكوكب ، حيث يتمازج همهم ليكونا واحدا ، وتختلط أحزانهم وأناتهم ، وكأن مصدرها جسد واحد
. وروح واحده ؛ أمامه فاضت نفسى بعبارات التسرية ، هممت أن أتكلم لكننى أدركت فقر كلماتى ،
ربما ﻷننى بحضرة صديق آثر أن يكبر على آلامه مؤمنا بعدل الحياة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى