مقال

الرحمة وخير بقاع الأرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرحمة وخير بقاع الأرض
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان صلى الله عليه وسلم يهيب بالأمة كلها أن تقف لنصرة المظلوم أيّا كان مستواه ومكانته حيث ربط بين هذه القضية وقضية كرامة الأمة نفسها، فقال صلى الله عليه وسلم ” كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من شديدها حقه وهو غير متعتع ” رواه ابن ماجه، أما بعد فإن بيت الله الحرام أفضل بقعة على وجه الأرض، فقد اختارها الله تعالى، من بين سائر البقاع، ولقد اختاره الله عز وجل، حرما لنبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وموضعا لأداء نسكه، وأوجب على المسلمين على كل مسلم قادر زيارة هذا البلد الأمين في عُمره مرة، وهى زيارته والطواف به، وألزم المسلمين احترامه، فلا يدخلونه إلا خاضعين متذللين.

متجردين من لباس الدنيا تعظيما لهذا البيت، فجعل أداء النسُك ركنا من أركان الإسلام، فمن أتاه حاجا أو معتمرا فلا يدخله إلا محرما من المواقيت التي حددها الشارع لذلك، ولقد جعل الله هذا البيت مثابة للناس، ومثابة لهم بمعنى، يثوبون إليه ويقصدونه ولا يقضون منه وطرا، وكان كلما أتوه تأكد تعلق قلوبهم به، وازدادت محبتهم له، وقد جعله الله عز وجل آمنا، وقد جعله الله عز وجل حرما آمنا، وأوجب على كل مسلم احترام أمن هذا البلد، أوجب على كل مسلم أن يحترم أمن هذا البلد، وأن يعرف لهذا البلد مكانه وفضله، فهو حرم الله، مهوى أفئدة المسلمين، فلا بد أن يكون حرما آمنا، فأوجب الله احترام أمنه، وجعل ذلك دينا يدين العبد بذلك لربه، ولقد كان الخليل إبراهيم عليه السلام، عندما فرغ من بناء البيت سأل الله تعالى.

لهم هذه النعمة، فسأل الله تعالى، لهم الأمن قبل أن يسأله لهم الرزق، ولهذا جاء أمنه عاما للإنسان والحيوان وحتى الطير، ولقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم بفضل ربه عز وجل أن يؤسس أعظم دولة عرفها التاريخ حيث أخرج للوجود أُمة، ومكن لعبادة الله تعالى في الأرض، ووضع أُسس العدالة الاجتماعية، وحوّل جيلا كاملا من رعاة للبقر إلى قادة للأُمم، واستطاع بفضل الله تعالى أن يخرج للعالم كله المواهب والعبقريات العظيمة من أمثال عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم الكثير، وحوّلهم من جيل لا يعرف إلا الفوضى إلى جيل يعرف النظام والعدل، وإن من أعظم الأسباب التي تعين على الرحمة، وتيسر للإنسان طريقها هو قراءة كتاب الله جل جلاله.

حيث قال العلماء إن الرحمة لا تدخل إلى قلب قاس، والقلوب لا تلين إلا بكلام الله تعالي، ولا تنكسر إلا بوعد الله ووعيده، وتخويفه وتهديده، فمن أكثر تلاوة القرآن، وأكثر من تدبر القرآن، كسر الله قلبه، ودخلت فيه الرحمة، كذلك من الأسباب التي تعين على رحمة الضعفاء هو تذكر الآخرة فإن العبد إذا تذكر مشاهد الآخرة، وصوّر نفسه كأنه قائم بين يدي الله تجادل عنه حسنته، ويقف بين يدي الله عز وجل وقد نشر له ديوانه، وبدت له أقواله وأفعاله، إذا تصوّر مثل هذه المواقف، قادته إلى الله، وحببت إلى قلبه الخير، وجعلت أشجانه وأحزانه كلها في طاعة الله تعالي ومرضاتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى