مقال

الإنسان بين المصائب والكوارث

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان بين المصائب والكوارث
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، لقد كان المسلمون في عصورهم الأولى لا يعرفون احتفالا خاصا يقام بقصد إحياء ذكرى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يرون أن عظمته ليست من جنس هذه العظمات التي يألفها الناس في أفذاذهم ورجالهم، والتي يخلعها الزمن على بعض الناس في بعض نواحي الحياة، فلم تكن عظمته صلى الله عليه وسلم من جنس هذه العظمات المحدودة في نوعها، والمحدودة في أمدها، ولم تكن من جنس هذه العظمات التي يخشى عليها من الضياع والتلاشي في بطون الأزمان والأيام فيحتاج بقاؤها في أذهان الناس إلى مذكر.

فكانوا يعرفون أن عظمته صلى الله عليه وسلم ليست من جنس هذه العظمات، وإنما هي العظمة الخالدة التي ينبغي أن تكون دائما قارّة في النفوس، ماثلة في القلوب، ممتزجة بالدماء، مؤاخية للعقيدة، لذلك كانت هذه العظمة المحمدية ظاهرة في قولهم إذا نطقوا، في حركتهم إذا تحركوا، في سكونهم إذا سكنوا، في جميع شئونهم الفردية والاجتماعية، السرية والعلنية، الدنيوية والأخروية، فهي عظمة قد رسمت لهم باطن الحياة وظاهرها، وحدودها ودوائرها، لم تقف عند ناحية من نواحي الحياة، بل لم تفق عند حدود هذه الحياة الفانية، فشملت جميع نواحي الحياة وامتدت إلى الحياة الآخرة فكشفت لهم عن حجب غيبها، وصورت لهم ما يكون للمحسن فيها من نعيم، وما يكون للمسيء فيها من شقاء، ولقد جبلت الدنيا على كدر، فكم من مصائب وكوارث وأزمات .

يتعرض لها الإنسان في حياته، سواء كان ذلك في نفسه، أو في أهله وماله وأولاده، أو في جسده، أو في دينه، ومجتمعه وأمته، وقد يبتلى المرء في طعامه وشرابه وحريته، وهذا الابتلاء جعله الله سنة في خلقه لم يستثن منه أحدا، حتى أنبياءه ورسله، وهم أقرب الخلق وأحبهم إليه، والمسلم يحتاج إلى أن يحسن التعامل مع الابتلاء، وكيف يستثمره ويستفيد منه، فيقوي إيمانه بالله عندما يدرك أن قدر الله لا مناص منه، فيربي نفسه على التسليم والرضا بما قدر الله عز وجل، وأما عن الجدال المذموم، وهو الجدال الذي يكون الهدف منه تقرير الباطل بعد أن ظهر الحق، أو طلب الجاه، والمال، وقد حذرت النصوص من هذا الضرب من الجدال، منها وله تعالى “ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير” ومنها جدال المماراة بغية مجاراة العلماء.

ومماراة السفهاء، وإرادة لانتصار قوله، وأيضا من أنواع الجدال الجاز، وهو الجدال لتثبيت الحق ودحض الشبهات ومنه جدال النبي صلى الله عليه وسلم لقومه لبيان سبيل الحق وكشف ما عندهم من الشبهات، وهذا النوع من الجدال أحيانا يكون واجبا، وأحيانا يكون مستحبا، فيكون واجبا إذا أثيرت الشبهات في وجه الإسلام، وقام بعض الناس بتزييف الحقائق لطمس معالم الإسلام، أو لتشويه صورته، فقيل هنا تجب المجادلة لتبيين حقائق الإسلام، وكشف زيف خصومه، ومع ذلك فإن المجادلة والحال هكذا يجب أن تكون بالتي هي أحسن كما أمر ربنا تبارك وتعالى، فليس فيها شيء من السب والشتم، بل ليس فيها إلا إظهار الحق وتبينه للناس.

وقد يكون الجدال مستحبا لدعوة غير المسلمين للإسلام، وذلك ببيان ما هم عليه من سوء الديانة وفساد المعتقد، وتحريف ما بين أيديهم من الكتاب إذا كانوا أهل كتاب، مع بيان دين الله تعالى وذلك أيضا لا يكون إلا بالتي هي أحسن كما أمر ربنا تبارك وتعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى