مقال

الآداب المفقودة بين المسلمين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الآداب المفقودة بين المسلمين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، الذي كان صلى الله عليه وسلم معتدل القامة ليس بالطويل ولا بالقصير، ولم تكن بشرته شديدة البياض ولم يكن أسمر بل كان بياضه إلى السمرة مشربا بحمرة، وكان حسن الجسم بعيد ما بين المنكبين، وكان في وجهه تدوير، شديد سواد العينين طويل أهدابهما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر حسن الصوت، وكان كثيف اللحية أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر، وعن السائب رضي الله عنه قال ” نظرت إلى الخاتم بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو مثل زرّ الحجلة ” أي أن الخاتم في ظهره الشريف قطعة لحم ظاهرة قدر بيضة الحمامة، وعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال.

” ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم” وعنه قال “ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسما” رواه أحمد، وعن جرير رضي الله عنه قال “ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم” رواه البخاري ومسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد إن هناك كثير من الآداب المفقودة بين المسلمين، وهذه الآداب المفقودة تسبب أنواعا من الوقوع في الإثم والعدوان، وإن كثير ممن الناس يستهينون بباب الأخلاق والآدب مع أن باب الأخلاق والآداب من الأمور العظيمة التي هي من مزايا هذه الشريعة العظيمة ومن محاسنها الحميدة، وإن بعض الناس يهتمون بأمور المعتقد والفقه والعلم.

وينسون أن هذا الدين متكامل لا بد أن يكون المسلم فيه متخلقا بأخلاق الإسلام، متأدبا بآداب الشريعة، وإن من مآسينا في هذا الزمان، وفي ضمن دائرة الابتعاد التي ابتعدنا فيها عن الإسلام يوجد هناك كثير من النقص، وكثير من العيب، ومن ضمنه هذه الأمور هو الحقد، وهو مرض خطير، ومرض متفش في هذا الزمان، وكثير من الناس يحقدون على بعضهم البعض، وإن الحقد من معانيه الضغن والانطواء على البغضاء وإمساك العداوة في القلب والتربص لفرصتها، أو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة أو طلب الانتقام، والغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي فورا رجع إلى الباطل واحتقن في النفس فصار حقدا، والحقد من مرادفاته الضغينة والغل والشحناء والبغضاء، وغيرها، والحقد خطير جدا، لأنه يؤدي إلى المهالك، والحقد قد يتداخل مع الحسد والغضب.

ولكن هناك اختلاف، فالحقد رذيلة بين رذيلتين، لأن له ثمرة الغضب، والحقد يتولد من أي شيء؟ يتولد من الغضب، وهو يثمر الحسد ويؤدي إليه، فاجتمع في الحقد أطراف الشر، والحقد حين تحليله يتبين أن من عناصره هى الكراهية الشديدة والبغض العنيف، والرغبة في الانتقام وإنزال السوء بمن يكرهه الحاقد، وتخزين العنصرين السابقين في قرارة النفس وتغذيتهما بالأوهام والتصورات، والاسترجاعات المختلفة للمشاهد، مع مثيرات جديدة للكراهية والرغبة في الانتقام، فتتفاعل هذه كلها تفاعلا يأكل نفس الحاقد من الداخل، وتتغلغل هذه الدوافع في النفس تغلغلا يسبب فعلا التآكل الداخلي والانهيار في النهاية في نفس الحاقد، ولكي نبين كيف يتولد الحقد من الغضب، نقول إنك قد تغضب على إنسان أو أن الشخص قد يغضب على أخيه أو على إنسان فيريد منه الانتقام،

فإذا لم يستطع أن ينتقم منه ليشفي غيظ قلبه ويثأر لنفسه، ولم يستطع أيضا أن يصفح عنه ويسامح، لأنه لا يقدر على ذلك، لا استطاع الانتقام ولا استطاع المسامحة ماذا يحدث؟ تتخزن هذه الطاقة الكريهة في النفس، ويحتقن هذا الحقد في النفس، ويظل دفينا يتحرك ويشتعل داخليا، كلما رأيت الإنسان الذي أنت تحقد عليه، وكلما ذكر اسمه على مسمعك، أو تذكرت شيئا من أفعاله وأقواله، أو مشهدا من المشاهد التي حصلت فيها لهذا الشخص مواقف معك، فتتفاعل هذه الغريزة عندك أو هذا الخلق وهو الحقد وإن المسألة باختصار هو اختزان وإمساك العداوة والبغض في القلب واستمرار تفاعلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى