مقال

الدكروري يكتب عن ضعف الهوية الإسلامية

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ضعف الهوية الإسلامية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن الشهادة في سبيل الله تعالي هي سبب في نيل الفردوس الأعلى، فقد جاء الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أم الربيع بن البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب، وحارثة رضي الله عنه شاب فتى صغير خرج مع الجيش يوم بدر وكان نظارا أي يشاهد المعركة من بعيد، وما دخل في القتال وإنما شهدها من بعيد، ثم نزل للشرب من البئر فأصابه سهم غرب، يعني سهم طائش لا يدرى من راميه، فقد يكون من المسلمين أو من الكفار والله أعلم، والقصد أنه أصابه سهم غرب فمات.

وهذا كلام أم حارثة تخبر النبي صلى الله عليه وسلم، قالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال صلى الله عليه وسلم ” يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى” رواه البخاري، وإن في سبب تسمية الشهيد شهيدا؟ فكان للعلماء في ذلك أقوال شتى منها لأنه حي، فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة، ولأن الله ورسوله وملائكته يشهدون له بالجنة، لأنه يشهد أي يرى عند خروج روحه ما أُعد له من الكرامة، لأنه يشهد له بالأمان من النار، لأن ملائكة الرحمة تشهده عند موته، وتشهد له بحسن الخاتمة، ولأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره، ولأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه، ولأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل.

ولنعلم جميعا بأن الأمة المسلمة معصومة من الذوبان، فهي لن تقع في خطر الذوبان أو الانمحاق في الهويات الأخرى على وجه مطلق، فالله تعالى يقول فى سورة التوبة ” هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون” فقد تضعف الهوية الإسلامية لدى بعض المجتمعات دون بعضها الآخر، ولكن أن تذوب الهوية فهذا لا، ولم، ولن يكون لأن هذا الدين محفوظ بحفظ الله، وقد تكفل الله به، لذا من المهم ألا ننكسر من الداخل فنحن الأعلون، الأعلون منهجا وفكرا وإرادة، فيقول الله عز وجل فى سورة آل عمران ” ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” ولا يمكن أن نواجه هذه التحديات ونحن متفرقون متشتتون فإن من أسباب ذوبان الهوية، هو ذهاب القوة، ووجود الفرقة والاختلاف.

والله تعالى يقول فى سورة الأنفال ” ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” فنهى الله تعالى المؤمنين عن التنازع، مبينا أنه سبب الفشل، ونهى عن الفرقة، فقال تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية” وذهاب القوة يؤدي إلى ضعف الهوية، فالمطلب في هذا العصر هو مزيد من التكاتف والاتحاد كي يمنحنا ذلك قوة، فتنعكس على اعتزازنا بهويتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى