مقال

بركة وصدق رسول الله

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن بركة وصدق رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأحد 29 اكتوبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، روي عن عبد الله بن مسعود رضوان الله عليه يقول ” إنكم لتعدون الآيات عذابا وكنا نعدها بركة على عهد رسول الله، فوالذي نفسي بيده لقد كنا نجلس لنأكل مع رسول الله فنسمع تسبيح الطعام بين يديه، رواه مسلم، وقيل أن أبو هريرة عندما خرج في يوم من الأيام وكان قد ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، فيقول أبو هريرة فمر علي الصديق فسألته عن آية من كتاب الله، والله ما سألته عنها إلا ليستتبعني فلم يستتبعني، وإنما أجابني عن سؤالي ومضى لأنه لم يعلم بجوعي، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، والله ما سألته عنها إلا ليستتبعني، فأجابني ومضى ولم يفعل.

يقول فكنت جالسا فمر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فقال لي ” أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال الحق بي، يقول فتبعت رسول الله فدخل إلى بيته فقال هل عندكم من طعام؟ فقالت عائشة نعم يا رسول الله عندنا قدح فيه لبن أهدي لنا من فلان، يقول ففرحت بذلك فرحا شديدا، فقلت سأشرب اللبن ويذهب ما بي من الجوع فقال لي يا أبا هريرة ادع أهل الصفة” وأهل الصفة هم مجموعة من فقراء الصحابة كانوا يسكنون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كلما جيء بطعام للنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم منه، وأهل الصفة هم أضياف الإسلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة رضي الله عنه ” ائتني بأهل الصفة، يقول أبو هريرة فحزنت لذلك حزنا شديدا، وقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ثم إنه دعاهم فأتوا فقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة.

فقال لبيك يا رسول الله، قال له خذ القدح وأعطه واحدا واحدا حتى وشربوا جميعا، ويقول أبو هريرة رضي الله عنه ثم نظرت في القدح فوالذي نفسي بيده وجدت القدح لم ينقص منه شيء، فقال لي الحبيب أبا هريرة، قلت لبيك يا رسول الله، قال اجلس يقول فجلست، قال اشرب، قال فشربت، ثم قال اشرب مرة ثانية، فشربت ثم قال اشرب، فشربت للمرة الثالثة، فبعد الثالثة قال لي اشرب فقلت له والله لا أجد له مسلكا يا رسول الله، يقول فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم القدح فجلس وشرب يقول أبو هريرة فوالله بعدما شرب رسول الله رأيت القدح وكأنه قد زاد عن أوله” فإنها بركة الحبيب المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم، فلقد قام أكثر من ثلاثمائة صحابي وتوضئوا من قدح صغير كما في الحديث الصحيح من حديث أنس قال.

” فوالله رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم” وهذا من بركة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وإن في الصدق مع الله والإخلاص له تفريجاً للكربات، وإجابة الدعوات، وما قصة أصحاب الغار عنا ببعيد، فقد أخرجها البخاري ومسلم مطولة عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أنه قال بعضهم لبعض ” إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلاّ الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، فدعا كل واحد منهم ربه بما عمله من عمل صدق فيه لله وأخلص له فيه، فكان أن جاء الفرج، ففرج لهم فرجة بعد أخرى حتى خرجوا من تلك المحنة، وكما ان الصدق من الأخلاق التي أجمعت الأمم على مر العصور والأزمان، وفي كل مكان، وفي كل الأديان، على الإشادة به، وعلى اعتباره فضله.

وهو خلق من أخلاق الإسلام الرفيعة، وصفة من صفات عباد الله المتقين، وقد أنزل الله في شأن الصادقين معه، آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن المؤمن لا يكون إلا صادقا مع ربه، صادقا مع نفسه، صادقا في تعامله مع غيره، فالمؤمن إيمانا حقيقيا تجده صادقا مع ربه في إيمانه، آمن ظاهرا وباطنا، آمن قلبه واستقامت جوارحه، يعلم بأن الله وحده هو المستحق أن يعبد دون سواه، عكس المنافق، آمن ظاهرا وكفر باطنا، آمن اللسان وكفر القلب، والمؤمن إيمانا حقيقيا لا يخادع لأنه يعلم بأن الله عز وجل عالم بما يضمر وما يخفي، فقال تعالى ” قل إن تخفوا ما فى صدوركم أو تبدوه يعلمه الله “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى