مقال

الكلمة الثقيلة على النفس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الكلمة الثقيلة على النفس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء 31 اكتوبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، الذي شهد صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين السيدة عائشة بأنها زوجته في الآخرة، أي في الجنة وهذا صريح في الدلالة ولا يحتاج إلى مزيد كلام، فروي عن أبي وائل الأنصاري قال لما بعث علي عمار بن ياسر والحسن بن علي رضي الله عنهم إلى الكوفة ليستنفرهم، خطب عمار فقال أني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، أي السيدة عائشة رضي الله عنها، وأن كلام عمار رضي الله عنه هذا في فتنة التي حصلت بين الصحابة في الجمل، فهل يُعقل في مثل هذه الظروف أن يزكيها بقوله إنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة ؟ بغض النظر عن الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم جميعا في هذه الحادثة.

فإنهم متأولون مجتهدون، وكلا الفريقين مأجور، وأن عمار رضي الله عنه وهو في الفريق المقابل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال هذا الكلام في حقها انصافا وإحقاقا للحق، فرضي الله عنهم جميعا، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فإنه مما جاء عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه قوله ” وما زال بى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حتى ما ترك الحق لى صديقا ” فكلمة الحق ثقيلة على النفس، ولهذا لا يتحملها إلا القليل، لكن إن أرضيت بها الرحمن، فسيجعل لك من بعد عسر يسر، فكلمة الحق قد تكون سهلة ميسرة إن كانت لا تغضب من قلتها أمامهم، لكنها مُرة للغاية إن قلتها أمام من تظن أنهم سيأبونها ويعرضون عنها، ويثنون أعطافهم نكاية بصاحبها.

لكن حسبك أن تقرأ ما قاله الصحابي الجليل أبو ذر الغفارى رضي الله عنه عندما قال، أمرني خليلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ” ومنها وأمرنى أن أقول بالحق وإن كان مُرا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرنى أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن مِن كنز تحت العرش” رواه أحمد، وإن من اهم خصائص الحضارة الاسلامية هو الإنصاف والمساواة بين الناس دون النظر إلى ألوانهم أوأجناسهم، بعد أن أعلن القرآن مبدأ المساواة فقال تعالي “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فقل الحق ولو على نفسك كى تصل إلى طوق النجاة من هلاك نفسك وهلاك أمتك من قول الباطل، فما أسهل الكلام في حياة الناس اليوم فى الشارع والمنتديات وعلى المنابر وفي وسائل الإعلام وفى الفضائيات وعبر الإنترنت والصحف.

وفى الدواوين وفى المناسبات والمحافل والاجتماعات الكل يتكلم ويتحدث فى كثير من أمور الحياة ولكننا اليوم وفى كثير من مجالات الحياة أصبحنا نفتقد كلمة الحق، فلا تكاد تجد بين هذا الكم الهائل من الكلام كلمة الحق وقول الحق وأصبح الكذب والنفاق والمجاملة وطمس للوقائع وتزوير الحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه هو لغة العصر وشعار الزمان عند كثير من أبناء هذه الأمة رجالا ونساء إلا من رحم الله، الأمر الذى أدى إلى ضياع الكثير من القيم والأخلاق وبسبب ذلك ساءت الكثير من العلاقات الاجتماعية وضاعت الكثير من الحقوق وحدث الظلم بأبشع صورة، وتعلمت الأجيال الخوف والجبن وتجرعت ثقافة الخنوع والضعف والاستكانة وتسلط العدو وغيرها من المساوئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى