مقال

قدمت لعباد الله الصالحين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ماذا قدمت لعباد الله الصالحين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 8 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد إن يُسر الرسالة المحمدية قد أثر في المسلمين حيث تطبعوا بها في أخلاقهم ومعاملاتهم اليسيرة، بعيدا عن التشدد الناتج عن الجهل وعدم فهم الشريعة، وكذلك استعمال الرخص الشرعية دون حرج لأن الله يحبها كما يحب العزائم من الأعمال، فهو سبحانه الذي فرض الجميع، كما أن هذا التيسير في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم جاء مكافأة من الله تعالى بتفضيل الله تعالى له على سائر الأنبياء والمرسلين، وبسبب استجابة أمته لأمر الله ورسوله دون تردد أو تلكؤ، خلافا لبني إسرائيل الذين ترددوا في تنفيذ أوامر الله وعصوا رسله، وحتى لو نفذوا أوامر الله تعالى ينفذونها وكأنهم مرغمين على ذلك.

وربما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وعاقبهم بالإصر والأغلال، وإن الصحيح قد يأتيه جرثومة، وتكون قوة مناعته كبيرة فيردها ويقضي عليها، لكن ضعيف المقاومة وضعيف المناعة أضعف الجراثيم يجعله مريضا، فيقعده في الفراش، وكذلك مرض القلب، فإنه أي شيء يفتنه، وأي شيء يصرفه عن الحق ويغريه بالمعصية، لأنه في الأصل مريض، البرد قد يصيب الصحيح فلا يتأثر به عنده مقاومة، ومن كان قلبه سليما لا يتأثر بالمغريات، ولا بمظاهر القوة التي يراها عند الكفار، ولكن القلب المريض يضعفه أي شيء، فلذلك القلب المريض يزداد مرضا، وإن أردت أن تتقرب إلى الله لا تكفيك الاستقامة، لابد من عمل صالح ماذا بذلت؟ فماذا أعطيت لهؤلاء المسلمين؟ وماذا قدمت لعباد الله الصالحين؟ وماذا قدمت لخلق الله أجمعين؟

وماذا قدمت لغير البشر؟ فهل عالجت حيوان؟ أو هل أطعمت جائعا؟ أو هل سقيت حيوانا يعاني من العطش؟ ولقد غفر الله تعالي لامرأة رأت كلبا يأكل الثرى من العطش، فهل لك عمل صالح؟ وهل حملت بعض هموم المسلمين؟ وهل أنفقت بعض مالك ووقتك وجهدك الذي لا تملك إلا غيره أحيانا؟ وهل أنفقت من علمك وربيت أولادك؟ فلابد من حركة نحو الله عز وجل، وعلينا أن نعلم إن العلاقة القريبة بالآخرين لا تجيز للمرء التدخل في شؤونهم الخاصة على نحو تلقائي، ولا يجوز أن يبرر ذلك التدخل بإسداء النصيحة لهم أو ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معهم، ذلك أن إسداء النصيحة له ضوابطه، وعلى رأسها أن يجري تقديمها في حال الطلب، ناهيك عن أن النصيحة لها آدابها.

ومن ذلك عدم ملاءمتها في حال انعدام رغبة الآخرين في الاستماع لها، وكذلك الحال مع مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي له أحكامه وضوابطه، والذي لا يسوغ إلا في حالات الضرر والمخالفة الصريحة للشرع، وليس من موارد ذلك الشؤون الذاتية الخاصة بالإنسان، فلا يصح الخلط بين الأمور، وإن هناك جملة أسباب تدفع بالبعض للتدخل في الشؤون الخاصة بالآخرين وأول هذه الأسباب ربما كان الرغبة في التسلية وملء الفراغ، فهناك أناس فارغون لا شغل عندهم، فيتسلون بالتدخل في شؤون الآخرين، وغاية الهم عند أمثال هؤلاء أن فلانا واقع في مشكلة مع زوجته هذه الأيام، وأن أخرا لديه خلاف مع ولده، وينبغي أن يقال لهؤلاء ما شأنكم والناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى