مقال

كن نفاعا للناس أينما كنت

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كن نفاعا للناس أينما كنت

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 14 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد إنه لما تكلم المسيح عليه السلام في المهد قال كما جاء في سورة مريم ” إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت” وقال مجاهد في تفسير الآية “أي نفاعا للناس أينما كنت” ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بذل نفسه للناس نفعا حتى حطموه كما في حديث عبدالله بن شقيق رضي الله عنه قال ” قلت لعائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت نعم، بعدما حطمه الناس ” رواه مسلم، وقال ابن الجوزي رحمه الله “كأنهم بما حمّلوه من أثقالهم صيّروه شيخا محطوما” 

وخطب عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال ” إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير” رواه الإمام أحمد، وكذا باقي أنبياء الله تعالى ورسله كانوا سبّاقين لنفع الخلق، وأعظم نفع لهم تبليغهم رسالات ربهم، ونصحهم، وإرشادهم لسبل الخير، وقد سار سلف الأمة الصالح على الهدي النبوي في بذل المعروف، ونفع الناس حيث قال الحسن البصري رحمه الله تعالى “والله لأن أقضي لامرئ مسلم حاجة أحب إليّ من أن أصلي ألف ركعة” وقيل لمحمد بن المنكدر رحمه الله تعالى أي الدنيا أحب إليك؟ قال “إدخال السرور على المؤمن” ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يركز على الرحمة تركيزا شديدا كلما اشتدت إليها الحاجة. 

والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الرحمة فوق الفضائل الإنسانية كلها هؤلاء المساكين الذين تسوقهم ضرورات العيش إلى الدين، ثم تعجزهم ضحالة الدخل عن السداد، فيعانون من أجل الديون همّ الليل وذلّ النهار، هؤلاء يأسو جراحهم النبي صلى الله عليه وسلم، إنه لا يملك أن يقول للدائن تنازل عن حقك، فمحمد صلى الله عليه وسلم خير من يصون الحقوق، لكنه يهب الدائن شفاعته، وقلبه، وحبه إذا هو أرجأ مدينه، وصبر عليه حتى تحين ساعة فرج قريب، فقال عليه الصلاة والسلام “من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله” رواه أحمد والترمذي، وقال عليه الصلاة والسلام أيضا “من أراد أن تستجاب دعوته، وأن تكشف كربته، فليفرج عن معسر” رواه أحمد. 

ويجعل النبي صلى الله عليه وسلم، الرحمة فوق الفضائل الإنسانية كلها، فيجعل كل عمل رحيم عبادة من أزكى العبادات، فعند النبي صلى الله عليه وسلم أن أعمالنا الرحيمة التي نسديها للآخرين إنما يراها الله قربات توجه إليه ذاته، فإذا زرت مريضا فأنت إنما تزور الله، وإذا أطعمت جائعاً فكأنما تطعم الله، يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه “يا بن آدم مرضت ولم تعدني، قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال أما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده، أما علمت أنك لوعدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى