مقال

جريمة تردد الإشاعة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن جريمة تردد الإشاعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 24 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، إن الإسلام يعتبر المتكلم بكل ما يسمع بلا تثبت ولا تبين كاذبا، فها هو نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يقول “كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع” رواه مسلم، والجريمة أشنع إن ردد الإشاعة وهو يغلب على ظنه أنها كاذبة، فقد قال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من حدث حديثا، وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين” رواه مسلم، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا من رضوان الله يرفعه الله بها درجات،

وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في جهنم ” رواه البخاري ومسلم، فالكلمة في حس المسلم ليست عبثا فارغا، ولا لغوا آثما حيث جعل الله تعالي مراعاة الكلمة والحفاظ عليها، من أخص خصائص المجتمع الإيماني، وهم الذين يرثون الفردوس في الجنة، ومنذ أن خلق الله الخليقة وجد الصراع بين الحق والباطل والخير والشر، وهو صراع يستهدف أعماق الإنسانية، ويؤثر في كيان البشرية، وإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حربا سافرة مستترة تتوالد وتتكاثر زمن التقلبات والمتغيرات، وهي أشد ضراوة وأقوى فتكا، لأنها تستهدف الإنسان من حيث دينه وقيمه ونمائه، أتدرون ما هي هذه الحرب القذرة؟

إنها حرب الشائعات، ولكن نقول هل سلم أحد من افتراءات الناس وشائعاتهم؟ أقول بل لم يسلم من الشائعات والافتراءات حتى الصالحون المقربون، وحتى الرسل والأنبياء، بل لم يسلم رب العزة سبحانه وتعالى، نفسه من الشائعات والافتراءات، وليس نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وحده هو الذي أشاعوا عنه الإشاعات، بل ما من نبي أرسل إلى قوم إلا حاربوه بالشائعات والإشاعات والافتراءات وكما نالت ألسنة الناس وشائعاتهم من الأنبياء والرسل ومن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكذلك ما سلم منها الصحابة الأبرار الأطهار والتابعون لهم بإحسان، ومن بعد الصحابة والتابعين جاء الفقهاء المتبوعون ومنهم الأئمة الأربعة وما سلم منهم أحد من شائعات الناس وهمزهم وافتراءاتهم.

ولو تتبعنا ما قيل في أئمة العلم والعمل الكبار كالبخاري والنووي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم لرأينا وسمعنا عجبا من سيل افتراءات وإشاعات تسقطهم وتضيع علمهم، ويقول ابن حجر في الأمل سر لطيف لأنه لولا الأمل ما تهنئ أحد بعيش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من الأعمال، ولا يفوتنا أبدأ ونحن نتكلم عن الأمل، أن نغفل أو أن نتناسى نبي الله يعقوب، وهو نموذج أقدمه لكل من تفتر عزيمته ويقل صبره ويتولد لديه اليأس والقنوط، فأين ما أنت فيه من بلاء وأزمات مقارنة بما حدث لنبي الله يعقوب؟، الذى رغم طول الانتظار لسنين عديدة، ورغم المحاولات المستميتة من إخوة يوسف لأبيهم لزرع الإحباط واليأس في قلبه، تحطم كل ذلك أمام قلب يملؤه الأمل والثقة في الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى