مقال

التاريخ الحضاري للمسلمين

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التاريخ الحضاري للمسلمين
بقلم / محمــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، إن التاريخ الحضاري للمسلمين، والمخزون التراثي، والأنموذج الراشدي، الذي يمثل المرجعية ومرحلة الاقتداء، والقيم الخالدة في الكتاب والسنة، ما تزال تشكل إمكانا حضاريا للأمة، في مجال حقوق الإنسان، وتمنحها القدرة على الصمود، في وجه ما تحمله حقبة العولمة، من هيمنة واستلاب ثقافي وحضاري ورياح سموم، وتؤهلها لالتقاط فرص العولمة والإفادة من إخفاقاتها وانكساراتها، لحمل الخير والرحمة للعالمين، وتتجاوز مفهوم إنسان الحق، غاية ما تطمح إليه الحضارة المعاصرة.

إلى بناء إنسان الواجب، إنسان الفكرة المحتسب، المنتج، الذي يواجه إنسان الغريزة، الذي لا يرى إلا حقوقه في الاستهلاك، حتى بات تحديد مستواه رهينا بمدى استهلاكه، وتبقى قضية كيفية التعامل معها في الواقع المعاصر وكيفية وضع الخطط والبرامج للارتقاء بها واستدراك التخصصات التربوية والقانونية والاجتماعية ذات المرجعية الشرعية، هي الإشكالية الأكثر إلحاحا، وهو يشكل لبنة في البناء المأمول، ومساهمة مقدرة في إغناء ملف حقوق الإنسان المفتوح حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لأن الشر من لوازم الخير، والله تعالى يقول في سورة الفرقان ” وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا” وكما يقول تعالى أيضا في سورة الرعد.

” كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هـو ربي لا إله إلا هـو عليه توكلت وإليه متاب” فإنها قوانين وسنن المدافعة بين الخير والشر، التي تمثل جدلية الحياة، وكما يقول تعالى في سورة الحج ” الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز” وتبقى مسألة حقوق الإنسان والعودة بالإنسان إلى الوحدانية أو منهج التوحيد، الذي يوحد بين الناس في الحقوق والواجبات، أو يعيد صياغة الإنسان بشكل عام، وعلى رأسها الإقرار بكرامته وحمايتها من الانتهاك، تمثل الأزمة الكبرى في مسيرة الحضارة.

ومحور الحوار والصراع التاريخي والمدافعة بشكل عام، وإن ما تمارسه الكهانات الدينية من استغلال لقيم الدين وتحريفها وتسويغ الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي، هو المسئول في الحقيقة، من بعض الوجوه، عن محاولات إقصاء الدين عن الحياة وحرمان المجتمعات من عطاء النبوة وتخليص الإنسان من تسلط الإنسان، لذلك، فأزمة الحضارة اليوم تتمثل في عدم إعادة الاعتبار للقيم الدينية ودورها في معالجة الخلل وتحرير الإنسان واسترداد كرامته بعيدا عن الكهانات وصور التدين المغشوش، وتشتد الحاجة في هذه الأيام أكثر فأكثر، حيث الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان والفلسفات المنحازة لصالح الهيمنة والتسلط، إلى بيان دور النبوة في التحرير والتغيير ودور الإيمان بالله الواحد في تحقيق المساواة، أساس حقوق الإنسانية، واستشعار المسؤولية تجاه الإنسان حيثما كان، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى