مقال

إبن الوز مهما يعوم مظلوم!

 
بقلم د/  رشا يحيى
الدكتور عمرو الليثي صحفى وإعلامى بارز، وله العديد من البرامج التليفزيونية الناجحة، ورغم ذلك ربما ظلم كثيرا فى البدايات حتى استطاع أن يخلق لنفسه بصمة خاصة لا تتماثل مع غيره، وهذا الظلم لأنه إبن أحد عمالقة صناعة الإعلام والسينما والدراما، فهو إبن ذو الشأن الكبير الأستاذ/ ممدوح الليثي) والذى كنا نبكيه ونبكى أيامه، كلما إنزعجنا من حال إعلامناأو إنتاجنا الدرامى والسينمائى!.. فهو المنتج للأفلام الرائعة، وكاتب السيناريو البارع، وكان أحد رجال الشرطة.. ولرجال الشرطة فى قلبى مكانة وحنين، ولكنه تركها بعد أن خطفته نداهة الفن، فحصل على دبلوم فى كتابة السيناريو، ليصبح أحد أهم النجوم في مجال كتابة السيناريو والعمل التلفزيوني، وتميز بقدرته الفائقة على إختيار موضوعات، تتناسب مع الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تحيط بالإنسان العربى
كما تميز بقدرته على الدمج بين الواقع والرمز بشكل غير مسبوق فى بلادنا العربية، ومن أبرز أعماله فى مجال السيناريو (ميرامار، ثرثرة فوق النيل، السكرية، الكرنك، أميرة حبى أنا، المذنبون، الحب تحت المطر، أنا لا أكذب ولكنى أتجمل) وهى جميعا أعمال نفخر ونعتز بها، وقد بدأ حبه للكتابة مبكراً، فكان يكتب العديد من القصص على صفحات مجلات (روز اليوسف) و(صباح الخير) ومجلة (البوليس) وجريدة (الشعب) وكان مازال طالبا بالشرطة، وعمل ضابطا بين القاهرة والفيوم لعدة سنوات، لكنه ترك الشرطة وإتجه إلى المجال الذي عشقه ونجح فيه، وتقلد العديد من المناصب من أهمهم: مدير عام أفلام التليفزيون، ورئيس أفلام التليفزيون،ورئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، ونقيب السينمائيين، ورئيس جهاز السينما، فكانت نجاحته عظيمة..
أما عن الجانب العائلى فقد تزوج الليثي زواجا تقليديا، من إبنة عائلة مرموقة بالسويس، وكانت تعمل محاسبة فى بنك، وتزوجا فى منتصف الستينيات، وأنجبا عمرو وشريف، وكانت أسرة متوسطة الحال، ولكنها اسرة هادئة سعيدة، ومع نجاحات ممدوح الليثي تحولت أحوال الأسرة وخاصة بعد إنتاجه لفيلم الكرنك الذى نجح نجاحا كبيرا، ففتح الله عليه وكسب كثيراً،و إهتم هو وزوجته بتنشئة ولديهما تنشئة دينية، وأيضاً تربية عسكرية لأنه شخصية صارمة، فعلمهما الرجولة واحترام الوعد والعهد، وأن تكون الكلمة التى تخرج منهما عقدا ملزما مهما كلفهما الأمر، وكانت الأحوال الأسرية فى غاية الإستقرار والسعادة حتى وفاة إبنه شريف فى نوبة مرض السكر، فإنقلب البيت إلى حزن دائم ولم يعرف الفرحة الحقيقية من بعده، لم يتبق له غير إبنه عمرو، والذى منحه عصارة فكره وخبرته والكثير من مواهبه
ومع ذلك عندما ظهر فى التليفزيون، ظن الأغلبية أنه جاء بالواسطة ويرتكن إلى نجاحات أبيه! ولكن ببراعة وجدية شق طريقه، وهو مسلح بالعديد من المؤهلات العلمية، فهو إبن أكاديمية الفنون، خريج المعهد العالى للسينما، وحاصل علي ماجيستير في علوم الإعلام من جامعة آدم سميث بالولايات المتحدة الأمريكية، وحاصل على دكتوراة الفلسفة في النقد الفنى بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من أكاديمية الفنون، وفاز بجائزة منظمة اليونسكو في مجال الاعلام التنموي، كما منح درجة الدكتوراه الفخرية من الكلية الأمريكية للتنمية البشرية، وحقق نجاحات كثيرة، وخاصة ببرنامج ( إختراق) الذى فتح ملفات سياسية خطيرة ومسكوت عنها، مثل: إغتيال السادات ووفاة عبد الناصر، والمشير عامر ومقتل الملك فاروق وغيرها وكان يذاع على شاشة التلفزيون المصري،
أما برنامج واحد من الناس والذى يخاطب الوجدان والمشاعر الإنسانية ببراعة، واستطاع أن يجعل برنامجه أرشيف للفنانين، وبذكاء يختار ضيوفه والكثير منهم بعيد عن الإعلام وربما من يبحث عن سيرتهم لن يجد غير أو مثل حلقات (واحد من الناس)وظهر ذلك بوضوح فى حلقة الفنان القدير عثمان محمد على والد الفنانة سلوى عثمان، والذى لم نراه ونسمعه مثلما رأيناه فى واحد منالناس! وحلقة الصديق العزيز طارق عبد العزيز، والتى كانت بمثابة حلقة وداع، إستطاع فيها عمرو اليثى إختزال المسيرة الفنية الحافلة لطارق عبد العزيز، ووضع يده بمهارة وحرفية على الجوانب الإنسانية التى لم يتحدث عنها طارق إعلاميا من قبل، وبكل سلاسة جعله يفتح قلبه ويتحدث بكل صراحة وأريحية، ليرى المشاهد ما يتمتع به طارق من طيبة ونقاء ورضا نفس فى السراء والضراء،
وكان مسك ختام الحلقة طلب دكتور عمرو دخول معتصم طارق عبد العزيز إلى الأستوديو، إستجابة لطلبه بتقبيل يد أبيه أمام المشاهدين، وكأنه أراد أن يشهد الخلق على مكانة أبيه فى قلب أبنائه!.. ويشاء الله أن تكون تلك الحلقة هى آخر ظهور إعلامى للقدير طارق عبد العزيز! فكل الشكر للإعلامى المحترف والمجتهد الدكتور عمرو الليثى، على براعته فى إختيار ضيوفه، وتسليطه الضوء على من يستحقون، وعلى جهده فى تقديمهم وعرض مسيرتهم بأفضل شكل ممكن، وعلى قدرته فى إنتزاع مكنون صدور ضيوفه بسلاسة وهدوء، كى يقدم للمشاهد وجبة دسمة من الخبرات والمشاعر الإنسانية، والتى تجعلنا نتعلم ونستخلص العبر من حياة أشخاص جديرون بالتقدير والإحترام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى