مقال

الدعوة إلي الهدوء والسكينة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الدعوة إلي الهدوء والسكينة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 15 ديسمبر

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلي الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم، وتمسكوا بكتاب ربكم، أما بعد إن نداء الله تعالى لعباده بقوله” يا ابن آدم” فهذا الفيض الرباني ينادي بصوت مسموع لا لَبس فيه ولا اشتباه أين العصاة المذنبون؟ وأين المسيئون المقصرون؟ ها هو ميدان الخير يرتقب، وها هو جواد التوبة ينتظر من سيمتطيه لينال السبق العظيم، والفوز الكبير بجنة عرضها السماوات والأرض، أين المشمرون؟ أين الباذلون؟ أين المضحون؟

فقال الله تعالى ” إن الله يغفر الذنوب جميعا” فإنها تعرفنا بمدى كرم الله، وجلال الله، وجود الله، ورحمة الله، فتجعلنا نقترب أكثر وأكثر من الله، وتجعلنا ندرك تمام الإدراك أن طريقة معاملة الله لنا طريقة كلها كرم ورحمة، فالعفو أحب إليه من العقوبة، والرحمة أحب إليه من الغضب، فإنه يجب علينا في هذه الأيام أن ندعوا إلي الهدوء وإلي السكينة وإلي الطمأنية وإلي الأمن والأمان وإلي التحلي بالصبر، وإذا كانت هناك نشاطات وأعمال دعوية فإنها لا ترقى إلى مستوى الهدف المنشود لأنها جهود فردية، والهدف المقصود إنما يتأتى بجهود جماعة تتوافر عليها كل مقدرات الأمة وإمكانياتها وجهودها، إننا بحاجة ماسة اليوم إلى تلمس هدي السلف الصالح في إقامة هذا الواجب الشرعي، وهو حب الوطن والدفاع عنه.

وإن نظرة في نصوص الشريعة تظهر لنا حقيقة ذلك، فالله وصف هذه الأمة بوصفين عظيمين ينبغي استحضارهما عند كل مسلم لأن الله عز وجل ربط الخيرية بهما، وإذا تخلف أحدهما تخلف الحكم فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فإذا كانت الخيرية مرتبطة بهذين الوصفين، فإن غياب أحدهما فضلا عن الاثنين معناه غياب الخيرية، فقال الله تعالى واصفًا هذه الأمة كما جاء في سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” وإن الله عز وجل لمّا أنزل القرآن إنما أنزله بلغة العرب، ولَم يكن الغرض منه أن يكون محصورا في إطار مكان التنزيل وهو الجزيرة العربية، وإنما كان الهدف الانطلاق به إلى كافة بقاع الأرض، فالله عز وجل أخرج هذه الأمة لتكون في إطار دفع إلهي.

وعلاقتها بقرآنها ورسالتها علاقة تكليف وإيمان وطاعة وتبليغ، لا علاقة إنشاء وتوليد مِن ذواتهم، قد خرجوا ليحققوا مهمتين، الدعوة إلى الإيمان بالله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما دلت عليه الآية المتقدمة في سورة آل عمران، وإن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها فإن فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها، وإن حب الوطن شعور كم خفقت به القلوب وشوق كم كلفت به الأفئدة وحنين يزلزل مكامن الوجدان، وحب أطلق قرائح الشعراء وهوى سُكبت له محابر الأدباء وحنين أمض شغاف القلوب وإلف يأوي إليه كرام النفوس وسليم الفطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى