غير مصنف

التطهير في الدنيا بالإيمان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التطهير في الدنيا بالإيمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 27 ديسمبر

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد، يعتبر الإصلاح بين المتخاصمين من أفضل وسائل قضاء حوائج الناس لأنه يترتب عليه التأليف بين قلوب الناس، وإخماد نار الفتنة، وروى البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا وهو نوع من الأوزان لرجل من اليهود، فاستنظره جابر أي طلب منه التأخير.

فأبى أي رفض أن ينظره، أي يؤخره، فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له، فأبى فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل، فمشى فيها، ثم قال لجابر “جُدّ له، فأوفي له الذي له” فجدّه بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوفاه ثلاثين وسقا، وفضلت له سبعة عشر وسقا، فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل أي الزيادة في التمر، فقال طأخبر ذلك ابن الخطاب، فذهب جابر إلى عمر فأخبره، فقال له عمر لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركنّ فيها” ومعني قوله “ليأخذ ثمر نخله بالذي له” أي ليأخذ كل الثمر في مقابلة الدين مصالحة.

ومعني قوله “جُدّ له” أي اقطع له الثمر، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الحديث من الفوائد جواز الاستنظار في الدين الحال، وجواز تأخير الغريم لمصلحة المال الذي يوفّى منه، وفيه مشي الإمام في حوائج رعيته وشفاعته عند بعضهم في بعض، واعلموا يرحمكم الله إنه من تطهر في الدنيا بالإيمان والأعمال الصالحة، ولقي الله طاهرا من السيئات دخلها بغير معوق، لأنه جاء ربه بقلب سليم، وعمل قويم ، ومن لم يتطهر في الدنيا، فإن كانت سيئاتة عينية كالكافر لم يدخلها بحال، وإن كانت سيئاته كسبية عارضة دخلها بعدما يتطهر في النار من تلك السيئات، ثم يخرج منها إلى الجنة بعد طهارته، وكذلك المؤمنون إذا جاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيهذبون وينقون، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.

ونري فى هذه الأيام أن كل إنسان ترك نفسه ومشاكله ومشاكل من يعول من أسرته وأولاده وزويه وبدأ يتدخل فى مشاكل الآخرين وبدأ يتطفل على غيره فى حين أنه مطالب بألا ينظر، أو يفتش على عيوب غيره وأن ينشغل بعيوبه فقط ولقد جاء الدين الحنيف ليسمو بالمسلم، فحثه على التزام الأخلاق الرفيعة، والقيم النبيلة ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” ألا وإن من أخلاق دينكم التي يسمو بها بأفرادكم، ويحفظ بها مجتمعاتكم، ترك الاشتغال بما لا يعني، وهذا الحديث أصل عظيم من أصول تهذيب النفس وتزكيتها، وقد عدّه بعضهم ثلث الإسلام، ولقد قالوا “اجتمع فيه الورع كله” لماذا عباد الله؟

لأن ترك ما لا يعني لا تقوى عليه إلا القلوب السليمة والنفوس الزاكية، نفوس تنطوي سرائرها على الصفاء، فأصحابها في راحة، والناس منهم في سلامة، وحسب المؤمن بهذا الحديث تذكرة وإرشادا، فإنه إذا ما عمل به فترك ما لا يعنيه فقد أحسن إسلامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى