مقال

ألوان العبادة في الشريعة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ألوان العبادة في الشريعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 15 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد إننا ندرك مكانة العبادة في الإسلام وأهميتها من خلال جملة أمور أهما وهو الأسلوب القرآني في الحديث عنها وهو استخدم أسلوب الحصر، عن طريق النفي والإثبات وهما أقوى صور الحصر والقصر في اللسان العربي، ومعناهما النفي البات من جهة، والحصر الكامل من الجهة الأخرى، نفي أي غاية للوجود البشري غير عبادة الله، وحصر غاية هذا الوجود كله في عبادة الله، ولهذا كانت دعوة الأنبياء جميعا أول ما تشتمل عليه بعد التوحيد الأمر بالعبادة، وبعد ذلك تأتي آيات أخرى تتحدث عن مهمات للإنسان في هذا الوجود، فندرك أن هذه المهمات هي أنواع من العبادة.

التي خلق الإنسان من أجلها، وندرك أن عمارة الأرض وإدارتها على وفق أوامر الله لون من ألوان العبادة، وكذلك الآيات التي أمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكم بما أنزل الله تعالي ندرك أن الحكم والقضاء بين العباد لون من ألوان العبادة، ونعلم أن السير في جنبات الأرض التي ذللها الله لعباده للكسب والارتزاق من جملة المهمات التي أمر الله عباده بها فهي داخلة في الغاية العظمى من خلقه وهي العبادة، ونأخذ من الآيات الكريمة أن السير في الأرض لمعرفة بدء الخلق والتكوين على هذه الأرض وفي الكون كله، لقياس النشأة الأخرى عليه أيضا من جملة العبادة التي يتقرب بها الباحث في الطبيعة وفي الفلك، وكما قيل تفكر ساعة خير من قيام ليلة، فكل هذه القضايا المأمور بها في هذه الآيات وأمثالها العمل بمقتضاها عبادة تماما.

وصف الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله بالعبودية في كثير من المواطن، وصف الله سبحانه وتعالى لخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم في مواطن التشريف والتكريم بصفة العبودية، ففي موقف النصرة والتأييد بالمعجزة الخالدة، وفي موقف التكريم بإطلاعه على مكانته بين الأنبياء والمرسلين ليلة الإسراء، وإن من خلال ما تقدم من أهمية العبادة، وأنواعها وثمراتها نستخلص جملة من خصائص العبادات في الإسلام من أهمها هو الإخلاص فيها لله سبحانه وتعالى، فلا يجوز توجيه شيء من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فقد أمرنا الله تعالى أن نوحده ولا نشرك به أحدا في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأداء العبادة خالصة لله تعالى ينسجم من الغاية التي خلق الإنسان من أجلها، وكذلك العبادات توقيفية.

فلا يجوز أن تختلق أنواع من العبادات لم ترد في القرآن الكريم ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والابتداع في العبادات مردود فقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” وقال المفسرون في تفسير قوله تعالى ” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا” ويكون عملا صالحا، وهو ما كان موافقا لشرع الله تعالى، “ولا يشرك بعبادة ربه احدا” أي من خلقه إشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه، ولا إشراكا خفيا، كما يفعله أهل الرياء، ومن يطلب به أجرا من المدح وتحصيل المال والجاه، إن العمل لا يكون صالحا إلا إذا وافق شرع الله، ودخل تحت القاعدة العامة فيما يحبه الله ويرضاه، وأيضا إنعدام الوساطة بين العبد وربه.

فالله تعالى خاطب عباده مباشرة، وطلب منهم التوجه إليه في دعائهم وعباداتهم مباشرة أيضا، وقد ندد القرآن الكريم بالمشركين الذين عبدوا وسائط ليقربوهم من الله زلفى، ولا يقال إن الأنبياء هم سفراء الله إلى خلقه أفلا يكونون وسطاء؟ لأن مهمة الأنبياء هي التبليغ والبيان، وهم يحتسبون أجرهم على الله، ولا يطلبون من أتباعهم المؤمنين بهم على ذلك أجرا، فلا يجوز توجيه شيء من العبادة إليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى