دين ودنيا

الدكروري يكتب عن أحب العبادات إلى الله

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 17 يناير 2024

 

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدى الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن أحب العبادات إلى الله هي الفرائض والواجبات، ثم يليها السنن والمستحبات، فيقول صلي الله عليه وسلم كما جاء في الحديث القدسي ” من عادي لي وليا” فالمراد بولي الله هو العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته، وقد استشكل وجود أحد يعاديه لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين، ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه، وأجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلا.

 

بل قد تقع عن بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر، والمبتدع في بغضه للسني، فتقع المعاداة من الجانبين، أما من جانب الولي فلله تعالى وفي الله، وأما من جانب الآخر فلما تقدم، وكذا الفاسق المتجاهر ببغضه الولي في الله، وببغضه الآخر لإنكاره عليه وملازمته لنهيه عن شهواته، وقد تطلق المعاداة ويراد بها الوقوع من أحد الجانبين بالفعل ومن الآخر بالقوة، وقال الكرماني في قوله “لي” هو في الأصل صفة لقوله وليا لكنه لما تقدم صار حالا، وقال ابن هبيرة في قوله “عادى لي وليا” أي اتخذه عدوا، ولا أرى المعنى إلا أنه عاداه من أجل ولايته، وهو إن تضمن التحذير من إيذاء قلوب أولياء الله ليس على الإطلاق، بل يستثنى منه ما إذا كانت الحال تقتضي نزاعا بين وليين في مخاصمة.

 

أو محاكمة ترجع إلى إستخراج حق أو كشف غامض، فإنه جرى بين أبي بكر وعمر مشاجرة وبين العباس وعلي إلى غير ذلك من الوقائع، وقال ابن هبيرة ويستفاد من هذا الحديث تقديم الإعذار على الإنذار وهو واضح، وفي قوله ” فقد آذنته” بالمد وفتح المعجمة بعدها نون أي أعلمته، والإيذان الإعلام ومنه أخذ الأذان، وفي قوله ” بالحرب ” وقد استشكل وقوع المحاربة وهي مفاعلة من الجانبين مع أن المخلوق في أسر الخالق، والجواب أنه من المخاطبة بما يفهم فإن الحرب تنشأ عن العداوة، والعداوة تنشأ عن المخالفة، وغاية الحرب الهلاك، والله لا يغلبه غالب فكأن المعنى فقد تعرض لإهلاكي إياه، فأطلق الحرب وأراد لازمه أي أعمل به ما يعمله العدو المحارب، وقال الفاكهاني في هذا تهديد شديد لأن من حاربه الله أهلكه.

 

وهو من المجاز البليغ لأن من كره من أحب الله خالف الله، ومن خالف الله عانده، ومن عانده أهلكه، وإذا ثبت هذا في جانب المعاداة ثبت في جانب الموالاة، فمن والى أولياء الله أكرمه الله، وقال الطوفي لما كان ولي الله من تولى الله بالطاعة والتقوى تولاه الله بالحفظ والنصرة، وقد أجرى الله العادة بأن عدو العدو صديق، وصديق العدو عدو، فعدو ولي الله عدو الله، فمن عاداه كان كمن حاربه، ومن حاربه فكأنما حارب الله تعالي، ونسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا وإياكم أجمعين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، اللهم أكرمنا بالجنان والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران، اللهم أكرمنا بجنانك والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى