غير مصنف

يوم ضاع الحياء

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 18 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد إن من بر الوالدين بعد وفاتهما هو الدعاء لهما، فذلك من أفضل ما يقدمه الأبناء لآبائهم بعد وفاتهما، أن تدعو لهما بالرحمة والمغفرة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، فذلك مما أمر الله تعالى به، فقال سبحانه وتعالي ” وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” والدعاء للوالدين من هدي الأنبياء والرسل فقد قال تعالى عن دعاء إبراهيم عليه السلام “ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب” والدعاء للوالدين من برّ الأبناء الصالحين الذي يستمر أجره وثوابه للوالدين بعد رحيلهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علم ينتَفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم، وإنه ما عانت المجتمعات من المحن وانتشرت فيها المصائب والأهوال وتتابعت عليها الفتن إلا يوم ضاع الحياء، فارتكبت المحرمات وفعلت الرذيلة وأقصيت الفضيلة بدعوى الحضارة والتمدن، وهل ضيعت الصلاة وعطلت أحكام الدين إلا يوم قل الحياء والخوف من الله وابتعد الناس عن الدين؟ وهل تساهل الناس بصلاة الجماعة إلا يوم قل الحياء، فقال صلى الله عليه وسلم “من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر ” وهل وقع في المعصية ما وقع إلا يوم قل حياؤه وخوفه من الله فاستهان به سبحانه حتى جعله أهون الناظرين إليه، وهل ظهر الاختلاط بين الرجال والنساء.

وانتشرت المعاكسات وعم الفساد، إلا حين كسرت المرأة حجابها ودفقت ماء حيائها وضاع من وجهها العفاف وخرجت إلى المنتزهات وتسكعت في الشوارع الأسواق والطرقات، وأغرت ضعاف النفوس وعديمي الحياء والمروءة وأدمت قلوبهم فوقعوا في الجرائم والفواحش، وهل فقدت الغيرة من الرجال فسمحوا لنسائهم من مشاهدة الأفلام الماجنة والمسلسلات الخليعة الهابطة والوقوع في المحرمات من الاختلاط والخروج مع الشباب والسائقين والسفلة إلا حين ضاع منهم الحياء وفشا فيهم ذهاب الغيرة، فإن هذه الحياة دار سعي وعمل، وإن الآخرة دار حساب وجزاء، وإن يوم القيامة هو يوم العدل المطلق، فيه توفى الحقوق وتسترد المظالم، فإذا كان الإنسان في هذه الحياة يسعى ليجمع ثروة من المال يعيش بها في هناءة وسعادة.

وتغنيه عن الحاجة للعباد، فإن طالب النجاة يوم القيامة أولى أن يسعى ليجمع ثروة من الحسنات ينال بها سعادة الآخرة، ويفوز بها بالجنة “في مقعد صدق عند مليك مقتدر” ولئن كان الإنسان في الدنيا يبذل جهده ليحمي ماله ويحفظ نفسه من الفلس، فإن طالب النجاة أولى أن يحمي حسناته من الضياع يوم القيامة وألا يكون من المفلسين يوم الدين، ولنا الوقفة مع شخصية الإنسان المسلم، فهى شخصية كما أرادها دينه أن تكون، فكيف يكون المسلم مع ربه؟ وكيف يكون مع نفسه؟ وكيف يكون مع والديه؟ وكيف يكون مع زوجته وأولاده؟ وكيف يكون مع أقاربه وذوي رحمه وجيرانه؟ وكيف يكون مع مجتمعه؟ نقف وإياكم وقفات سريعة عاجلة، لعل الله أن ينفع بها، فإن المتأمل في حال كثير من المسلمين ليتأسف كثيرا، ويدهش ويصاب بالأسى والحزن، فيا للأسف، فإن حالنا اليوم إفراط وتفريط وضرر وإضرار إلا من رحم الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى