مقال

الفتنة ليست مذمومة في ذاتها

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن الفتنة ليست مذمومة في ذاتها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 31 يناير 2024

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد لقد كان للتواصل بالقصه أثر إيجابي لأن النبي صلى الله عليه وسلم فهم قصد السائلين، وركز على معالجة الفهم الخاطئ أو التصور الخاطئ، ووجه الرجال أو الرهط الثلاثة للسنّة والإعتدال، والأكيد تحقق الإجابة من طرف الرهط من الصحابة، أيضا تراجعهم عما قد عزموا نهجه من الأعمال، وإن التواصل قد تحقق ولا يتصور مخالفة الصحابة قول النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يرد خبر بمخالفتهم التوجيه النبوي، ويمكن إجمال هذه العوائق في القول بأن الخطأ في تصوّر معنى العبادة.

هو العائق الأساسي في هذه القصة على أن ما عزم الصحابة أو الرهط ثلاثة نهجه كان سيؤدي بهم لمخالفة السنة ومخالفة الفطرة، وإلا فإنه لا يتصور قصد الصحابة مخالفة أو الخروج على السنة المحمدية، ويستفاد من قصة التواصل أولا الأمر بالترفق في العبادة، ثم النهي عن التشديد على النفس في العبادات بما لا يطاق، وحرص الصحابة على العبادة وهمتهم العالية في التقرب إلى الله تعالى، وتوقيرهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وقصدهم الاقتداء به عليه السلام، وإنه يجب علينا أن نعلم أن الفتنة ليست مذمومة في ذاتها، لأن معناها اختبار وامتحان، وقد يمر الإنسان بالفتنة وينجح، كأن يكون عنده الأموال والأولاد، وهم فتنة بالفعل فلا يغره المال، بل إنه استعمله في الخير، والأولاد لم يصيبوه بالغرور بل علمهم حمل منهج الله.

وجعلهم ينشؤون على النماذج السلوكية في الدين، لذلك فساعة يسمع الإنسان أي أمر فيه فتنة فلا يظن أنها أمر سيئ، بل عليه أن يتذكر أن الفتنة هي اختبار وابتلاء وامتحان، وعلى الإنسان أن ينجح مع هذه الفتنة، فالفتنة إنما تضر من يخفق ويضعف عند مواجهتها، ومن يغتر بالمال أو الأولاد في الحياة يأتي يوم القيامة، ويجد أمواله وأولاده حسرة عليه، لماذا؟ لأنه كلما تذكر أن المال والأولاد أبعداه عما يؤهله لهذا الموقف فهو يعاني من الأسى ويقع في الحسرة، فنجد أن حب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأثيل الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة،

وإن فتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال، فالرجل يكسب المال الحرام، ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد، فيجب على المؤمن أن يتقي الفتنتين، فيتقي الأولى بكسب المال من الحلال وإنفاقه في سبيل البر والإحسان، ويتقى خطر الثانية من ناحية ما يتعلق منها بالمال ونحوه، وإن الأموال والأولاد قد تقعد الناس عن الاستجابة خوفا وبخلا، والحياة التي يدعو إليها الإسلام حياة كريمة، لا بد لها من تكاليف، ولا بد لها من تضحيات، لذلك يعالج القرآن الكريم هذا الحرص بالتنبيه إلى فتنة الأموال والأولاد، فهي موضع ابتلاء واختبار وامتحان، وبالتحذير من الضعف عن اجتياز هذا الامتحان، ومن التخلف عن دعوة الجهاد وعن تكاليف الأمانة والعهد، واعتبار هذا التخلف هو خيانة لله والرسول صلى الله عليه وسلم.

وخيانة للأمانات التي تضطلع بها الأمة المسلمة في الأرض، وهي إعلاء كلمة الله تعالى، وتقرير ألوهيته وحده للعباد، والوصاية على البشرية بالحق والعدل، ومع هذا التحذير والتذكير بما عند الله تعالى، من أجر عظيم يرجح الأموال والأولاد، التي قد تقعد الناس عن التضحية والبذل لدين الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى