مقال

سمات أهل المروءة والشرف

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن سمات أهل المروءة والشرف
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 10 فبراير

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد هذا خلق من أخلاق الكرام، وسمة من سمات أهل المروءة والشرف، وعنوان الفضل والعقل، من حُرمه حرم الخير كله، ومن تحلى به ظفر بالعزة والكرامة ونال الخير أجمع إنه الحياء، وقد اختلفت عبارات العلماء في تعريف الحياء وبيان معناه، فقال الزمخشري هو تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، وقال الراغب الحياء انقباض النفس من القبيح، وقيل هو خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح، والحياء خصلة من خصال الإيمان، وخلق من أخلاق الإسلام، من اتصف به حسُن إسلامه.

وعلت أخلاقه، من اتصف به هجر المعصية خجلا من ربه، وأقبل على طاعته بوازع الحب والتعظيم، إنها خصلة تبعدك عن فضائح السيئات وقبيح المنكرات، إنها من شعب الإيمان، أنها تكسوك وقارا واحتراما، خصلة هي دليل على كرم السجية وطيب النفس، بل هي صفة من صفات الأنبياء والصالحين والصالحات، إنها صفة جميلة في الرجال، وفي النساء أجمل، كسبها يجعل القبيح جميلا، وفقدها يجعل الجميل قبيحا، والحياء هو رأس الأخلاق، ودليل على بقية الأخلاق، من تحلى به استطاع أن يتحلى بباقي الأخلاق الفاضلة ويتخلى عن كل خلق قبيح، ومن حرم الحياء عجز عن التحلي ببقية الأخلاق الفاضلة وانغمس في كل خلق مذموم، وقال ابن القيم وأما حياء الرب تعالى من عبده، فذاك نوع آخر.

لا تدركه الأفهام، ولا تكيفه العقول، فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال، ومن هنا فلا بد من تصحيح العبارة التي تروج على الألسن “لا حياء في الدين” بعبارة أدق وأصح “لا حياء في تعلم الدين” فالحياء المذموم هو الذي يمنع صاحبه من تعلم دينه، من النصح لغيره، من قول الحق، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو في الحقيقة ليس حياء وإنما هو خجل، والله تعالى يقول ” والله لا يستحي من الحق” والحياء هو الخلق الذي يحمل على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويمنع من التقصير في حق الله المتفضل المنعم سبحانه، والدعوة إلى التخلق بالحياء وملازمته إنما هي دعوة إلى الامتناع عن كل معصية وشر، والإقبال على كل فضيلة وخير، وقال الفضيل بن عياض رحمه الله “من علامات الشقوة هو القسوة في القلب،

وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل” وقال ابن حبان رحمه الله ” فالواجب على العاقل لزوم الحياء، لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر” فالحياء أيها المؤمنون سياج منيع من الوقوع في المعاصي والمحرمات، وهو علامة حياة القلب، كما أن اقتراف القبائح والمنكرات دليل على موت القلب، وقال ابن القيم رحمه الله الحياء مشتق من الحياة، فمن لا حياء فيه فهو ميت في الدنيا، شقي في الآخرة، وبين الذنوب وقلة الحياء وعدم الغيرة تلازم، فكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه” لذا فإن الإنسان إذا تعرى من الحياء ولم يتخلق بخلق الحياء، فلا تسل عما سيقترفه من رذائل، ولا تعجب مما سيرتكبه من حماقات فقليل الحياء لا يأبه بدنو همته، ولا يبالي بسفول قدره.

ولا يجد ما يبعثه على التحلي بالفضائل، ولا ما يقصره عن الرذائل، فإنه إذا فقد حياءه سينطلق في تحصيل شهواته غير آبه بحق الله ولا بحق الناس، وسيهوي في دركات الحماقة والوقاحة، فلا تزال خطواته تقوده من سيئة إلى أخرى حتى يصير بذيئا جافيا منغمسا في قبائح الأفعال وسيء الأقوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى