مقال

زرع القوة في أفراد الأمة

الدكروري يكتب عن زرع القوة في أفراد الأمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 25 فبراير 2024

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى زرع القوة في أفرادها دينا وعلما وخلقا فهي تحتاج إلى المؤمنين الأقوياء، والذين يحملون في قلوبهم قوة نفسية تحملهم على معالي الأمور، وتبعدهم عن سفسافها، قوة تجعل أحدهم كبيرا في صغره، غنيا في فقره، قويا في ضعفه، قوة تحمله على أن يعطي قبل أن يأخذ، وأن يؤدي واجبه قبل أن يطلب حقه، يعرف واجبه نحو نفسه.

ونحو ربه، ونحو بيته ودينه وأمته، وإن من عوامل قوة الامة الاسلامية، هو الاعداد الجيد للقوة، وتتوارث عوامل القوة في الأجيال الذين جاءوا من بعدهم تابعيين وأجيالا أقوياء بالله فهذا هشام بن عبد الملك الخليفة، أخو سليمان، حج البيت الحرام، فلما كان في الطواف، رأى سالم بن عبد الله بن عمر، الزاهد العالم العارف، وهو يطوف، وحذاؤه في يديه، وعليه عمامة وثياب، لا تساوي ثلاثة عشر درهما، فقال له هشام يا سالم أتريد حاجة أقضيها لك اليوم، قال سالم أما تستحي من الله، تعرض عليّ الحوائج، وأنا في بيت من لا يعوزني إلى غيره، فاحمر وجه الخليفة، فلما خرج من الحرم، قال هل تريد شيئا؟ قال أمن حوائج الدنيا، أم من حوائج الآخرة؟ قال أما حوائج الآخرة فلا أملكها، لكن من حوائج الدنيا، قال سالم والله الذي لا إله إلا هو.

ما سألت حوائج الدنيا من الذي يملكها تبارك وتعالى، فكيف أسألها منك ؟ فإنهم عظماء لأنهم عاشوا في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم، التي أخرجت خير أمة للناس يرون الذهب والفضة للكفار، فيهدمونها ويطأونها بالأقدام، فيقول لهم المستعمر والكافر خذوا هذا الذهب، واتركوا بلادنا، قالوا لا والله، دارنا وبلادنا، جنة عرضها السماوات والأرض، ألا وحري بنا الالتفاف حول العلماء الصالحين والدعاة الصادقين الذين عرفوا بنصحهم وسلامة منهجهم، فإنهم ورثة الأنبياء ومصابيح الدجى، أهدى الناس طريقا، وأقربهم من الله توفيقا، فاجعل العلماء الربانيين لك صحبا ورفاقا، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم واعتزال الفتنة، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة كما في الحديث المتفقِ عليه.

قال كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم، قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال نعم، وفيه دخن، قلت وما دخنه؟ قال صلى الله عليه وسلم “قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر” قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال “نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها” قلت يا رسول الله، صفهم لنا، فقال “هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا” قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم” قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال ” فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”

كما أن التثبت في الأخبار والنقل وترك الشائعات وهجر الخوض فيما لا يعني مطلوب في كل وقت، وتعظم الحاجة لحفظ اللسان وصيانة السمع والتثبت في حال الفتنة، وكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى