تعليم

المؤتمر الدولي الأول لكلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة تحت عنوان “التدابير العملية والشرعية في مواجهة موجة الغلاء العالمية

جريدة الاضواء

كتب: رضا الحصرى 

نظمت كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة جامعة الأزهر أمس الأحد مؤتمرها العلمي الدولي الأول في إطار نشاطها العلمي الدائم والمستمر الذي تحرص عليه دائمًا تحت عنوان ” التدابير العملية والشرعية في ظل موجة الغلاء العالمية ” برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، ومشاركة مجمع البحوث الإسلامية كهيئة إسلامية تابعة للأزهر الشريف.

جاء ذلك بحضور فضيلةُ الدكتور محمود صديق ، نائبُ رئيسِ جامعةِ الأزهرِ وفضيلة الدكتور محمود الهواري المين المساعد للدعوة والإعلام بمجمع البحوث الإسلامية ممثلا لمجمع البحوث و الدكتور هيثم الشيخ نائب محافظ الدقهلية وفضيلة الدكتور أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشئون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية ، والأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ممثلاً عن قطاع المعاهد الأزهرية و الدكتور علي عمر الفاروق رئيس قطاع الشئون الشرعية بدار الإفتاء المصرية و المستشار العسكري لمحافظة الدقهلية عقيد أركان حرب الهيثم عبد القادر و عمداءَ الكليّاتِ و وكلاءَ الوَزاراتِ بمحافظةِ الدقهليّة .

وفى بداية المؤتمر رحب الدكتور نبيل زاهر، عميد الكلية ورئيس المؤتمر قائلا : أرحب بالضيوف الكرام الذين حرصوا على المشاركه فى ذلك المؤتمر من أجل مصرنَا الغالية اللهم اجعل بلدنا بلداً آمناً مطمئناً ، سخاءً رخاءً ، وسائرَ بلادِ المسلمين وأنه من الواجب علينا ألا نبتعدَ عن قضايا أمتِنا وبلادِنا، ونعيشَ قضايانا معايشةً على كلّ المستويات: مستوىً دينيٍ، ومستوىً سياسيِّ، ومستوىً شعبيِّ أفرادًا وجماعات.

وتابع قائلا : شاءَ اللهُ جلَّتْ قدرتُه أن يكونَ اقتراحُ عنوانِ المؤتمر( التدابيرُ الشرعيةُ والعمليةُ في مواجهة مَوجةِ الغلاءِ العالميةِ) في وقتٍ لم تكنْ أزمةُ الغلاءِ العالميّةِ قد استفحلتْ، ولكنّ طولَ الأزمةِ أظهرَ لنا كيفَ كانَ الاختيارُ مُوفَقًا حيث أظهرتِ الأزمةُ التفاعلَ بين قطاعاتِ الدولةِ ومؤسساتِها في ظلّ قيادةٍ سياسيّةٍ ، تعيشُ ليلَ نهارَ ، من أجلِ رفعةِ شأنِ هذه البلادِ ، مع ما تعانيهِ في ظلّ أزماتٍ متعاقبةٍ كأزمةِ كورونا، والأزماتِ العالميّةِ للحروب والنِّزاعاتِ ، والتي أثّرت على العالمِ كلِّه سلبًا.

واضاف قائلا: لقد عاشتْ أمتُنا هذه الأزماتِ ، وحاولت جاهدةً أن تتجاوزها ، مما جعلها تسيرُ علي النهج التالي : الاعتمادُ علي النفس ، وتعميرُ البلاد بكل نافعٍ مفيدٍ للمجتمع بأسره ، وفتحُ البابِ علي مصراعيه للاستثمارِ الداخلي والخارجي في كل القطاعات، ودعمُ المشروعات الشبابية الصغيرة ، بالتزامن مع عقدِ الندواتِ ، حول سبلِ الخروجِ من هذه الأزمةِ وجاء مؤتمرُنا هذا لطرحِ رؤيٍة شرعيةٍ عمليةٍ للخروج من هذه الأزمةِ التي ضربتِ العالمَ أجمعْ ولئن كان لي من كلمةٍ كفرد في رأسِ مؤسسةٍ تعاني ما يعانيهِ غيرُها، فأقولُ وقلبي يتفطرُ كمداً إن هذه الأزمةَ جعلتْ بعضَ الناسِ يستغلّونَ حاجةَ غيرِهم؛ فترى بعضَ التجارِ الذينَ سُلبت منهم الوطنَيةُ يحتكرون، وتري المرجفينَ يُشيعونَ الأخبار الكاذبة ، حتي يُوهموا الناسَ بألا سبيلَ للخروجِ من هذه الأزمةِ ، ونري آخرينَ لا يُقدّرونَ المسؤوليّةَ ، فلم ينتهوا عن إسرافِهم وتبذيرِهم وتبديدِهم .

وتتبع قائلا : ها هم قادتُنا الشرفاءُ قادةُ الجيشِ والشرطةِ والقياداتُ المحليةُ يقفونَ صفاً واحداً خلفَ قيادتِهم السياسيةِ الرشيدةِ التي تحملُ همَّ كلِّ مواطنٍ ، وتعملُ جاهدةً علي تخفيفِ حدةِ موجةِ الغلاءِ هذه عن كاهلِ المواطنين ، بل ومما يُذكرُ للقيادةِ السياسيةِ ولا يُنكرُ ، أنه مع تحمٌّلِهِ عبءَ التخفيفِ عن أكثرَ من مئةِ مليونٍ مصريٍ، فتحَ البابَ لأخوتِنا في العروبةِ والإسلامِ ، فاستضافتْ مصرُ أكثر من تسعةِ ملايينَ عربيٍ علي أرضها، مما زادَ من العبءِ علي القيادةِ وشعبِها .

ولما كانت شريعةُ الإسلامِ هي شريعةُ الدينِ والدنيا ، فلقد رصدت هذه الأزماتِ وغيرَها رصداً يُشخِّصُ الداءَ ولا يُغفِلْ الدواءَ ، فلقد تواترت كثيرٌ من الآياتِ القرآنيةِ يُرادفُها الكثيرُ من الأحاديثِ النبويةِ ، لحلِ أزمةِ الغلاءِ هذه .

واضاف قائلا : مؤتمرُنا هذا قد أتي بأبحاثهِ التي تقتربُ من الأربعينَ بحثاً علي هذه الأزمةِ ، رصداً للداءِ وتشخيصاً للدواءِ ، من خلال القرآن الكريمِ والسنةِ النبوية ، والتطبيقِ العملي لهما ، في القرونِ الزاهرةِ للأمة الإسلامية ونبَّهنا الإسلامُ إلى خطورةِ هذه الأمورِ على البشريةِ كلِّها ، وفي القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ كثيرٌ من الحلولِ لمشكلتِنا الاقتصادية .

 وفي الختامِ أشكرُ فخامةَ رئيسِ الجمهوريةِ عبد الفتاح السيسي علي ما قام ويقومُ من رعايةِ كلِّ أفرادِ الشعبِ المصريِ وضيوفِهِ ، وما تلكمُ القراراتُ الرشيدةُ الأخيرةُ التي أصدرها فخامتُةُ ، بزيادةِ وتعجيلِ صرفَِ العلاوةَ ِالسنويةِ لمواجهةِ موجةِ الغلاءِ هذه وجزي اللهُ الطيبَ ، الأمامَ الأكبرَ ، أحمدَ الطيب ، شيخَ الجامعِ الأزهرِ ، علي ما يبذلُه لدعمِ الشعبِ المصريِ بصفةٍ عامةٍ ، من خلالِ بيتِ الزكاةِ المصريِ الذي يترأسُهُ ، فلقد وصلَ بيتُ الزكاةِ هذا ، إلي كلِّ نجوعِ وكفورِ مصرَ ، فضلاً عن مدنِها وأما عن دعمهِ للأزهرِ الشريفِ جامعةً ومشيخةً فحدِّث ولا حرجَ عن دعمهِ الكاملِ لهاتينِ المؤسستينِ وحقٌ علي كليتِنا إدارةً وأساتذةً وموظفينَ وعمالاً ، أن يتقدموا بأسمي عبارات الشكرِ والتقديرِ إلي رئيسِ جامعتِنا الموقرِ، الدكتورِ سلامة داود رئيسُ الجامعةِ حفظهُ اللهُ ، الذي ما فتيءَ قائماً علي خدمةِ الجامعةِ، يقضي ليلَه ونهارَه في القيامِ علي رفعةِ شأنِها ، ولولا ما عنده من شُغُلٍ كثيرٍ لشرَّفنا ، إلا أنه ولكرمهِ أتحفنا بكلمةٍ نُزيِّنُ بها لقاءنا هذا ولا أنسي النواب الأكارمَ الذين يدأبونَ في القيامِ علي الجامعةِ ،وفي القلبِ منهم الدكتورُ محمود صديق نائبُ رئيسِ الجامعةِ للدراسات العليا والبحوثِ وخدمةِ المجتمعِ كما أشكرُ جمعَكمُ الكريمَ هذا كلُّ باسمه وصفتهِ فجزاكمُ اللهُ خيراً علي تشريفكم لنا كما أشكرُ أبناءَ الكليةِ الذينَ أسهموا بجهدٍ وافرٍ في سبيلِ انجاحِ هذا المؤتمرِ .

وتابع قائلا : أسألُ اللهَ أن يحفظَ مِصرَنا وأن يُكلل جهودَ القائمينَ على شُئونِها بالتوفيقِ والسدادِ، كلٌّ في ميدانِه ومجالِه، وأسألُه سبحانَه أن يَرفع عنا الغلاءَ والبلاءَ والمِحنَ ، وأن يُعيدَ هذه الأيامَ المباركةَ بكلِّ خيرٍ وسعادةٍ ، وكلُّ عامٍ وحضراتكم جميعاً بخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

كما انتهى المؤتمر إلى عدة توصيات وهى يثمن المؤتمر جهود الدولة المصرية في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة موجة الغلاء المحلية والعالمية، ويؤكد على قيمة هذه الجهود وتأثيرها في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين كما يوصي المؤتمر المؤسسات العلمية والبحثية بضرورة دراسة موجة الغلاء العالمية، ورصد أسبابها، ومدى تأثيرها على الأمن والاستقرار المجتمعي، والإسهام في معالجتها، وذلك من خلال البحوث العلمية الرصينة والجادة كما يوصي المؤتمر بضرورة أن يتحلى التجار بمراقبة الله تعالى، وأن يحرصوا على تحري الحلال، وأن يبتعدوا عن الاحتكار الأثيم، وأن لا يغالوا في أسعار السلع والمنتجات، وأن يكون لهم دور فعال مع الدولة المصرية في مواجهة الغلاء المستشري بين الناس كما نوصي بضرورة إحياء فقه التكافل الاجتماعي بين الناس الآن؛ حيث إن هذا الفقه يسهم بشكل مباشر في تخفيف الأعباء المعيشية عن الناس في الوقت الراهن، كما أنه واجب ديني وقيمة إنسانية كبيرة يجب أن نستثمرها في هذه الأوقات الصعبة، ولا شك أن فقه التكافل الاجتماعي وتعزيزه في المجتمع سيسهم في سد حاجات الناس التي وقعت في العوز والفقر، ويسهم أيضًا في الحد من الظواهر السلبية التي من الممكن أن تظهر في المجتمع وقت الغلاء، وذلك مثل: السرقة، والغش، وقتل النفس، وغير ذلك كما نوصي وسائل الإعلام بأن تكون صوت هداية ورشاد في مواجهة ظاهرة الغلاء، ونحذر كذلك الجماعات المتطرفة التي توظف وسائل الإعلام الخاصة بها في استغلال بعض الظروف المعيشية للترويج لأفكارها المشبوهة، وإشاعة الفتن وزعزعة استقرار المجتمع وضرورة أن يكون للفتوى الدينية دور كبير وفعال في مواجهة موجة الغلاء العالمية، وذلك من خلال الفتاوى الدينية السلمية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومواجهة الفتاوى الشاذة التي تؤثر على استقرار المجتمع وأمنه وضرورة التنسيق بين المؤسسات الدينية والمجتمعية في إعداد وتنفيذ البرامج التوعوية التي تناقش موجة الغلاء وأسبابها وتداعياتها ومنهج الإسلام الرشيد في مواجهتها، ونحن إذا نؤكد على ضرورة هذه التوصية نعلن أن كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة على أتم الاستعداد بالمشاركة في هذه البرامج وتنفيذها على أرض الواقع، وذلك قيامًا بالواجب الديني والمجتمعي المنوط بها، وتعزيزًا للفكر الأزهري الوسطي المعتدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى