مقال

الدكروري يكتب عن أمانة الإستخلاف في الأرض

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الذي أنزل شريعة الإسلام هدى للناس ورحمة للعالمين، وجعلها لنا صراطا مستقيما يهدي بنا إلى سعادة الدارين، والشكر له أن هدانا إلى الإسلام، وفضلنا على العالمين أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله إمام الخاشعين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبون الطاهرون، الحافظين لحدودك يا ربنا والخاشعين لك، وبعد فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله في أنفسكم، وفي صلواتكم لتفلحوا في دنياكم، ثم أما بعد إن الأرض والسموات مسخرة لصالح الإنسان، ولكن الإنسان الظلوم الجهول، ألف العادة ولم يطع أمر المنعم بسبب العلو والكبر والجهل، فضيع أمانة الاستخلاف في الأرض، فأفسد الهواء الذى يتنفسه، والماء الذى يشربه، والبحر المسخر لأجله. 

والنتيجة أن ظهر الفساد، وفي الآونة الأخيرة تيقن الجميع من ظهور الفساد، وأين ظهر الفساد؟ الإجابة التى لا يختلف عليها اثنان هي في البر والبحر معا، ولكن ما السبب في ظهور تلوث البيئة اليوم؟ وهو أن السبب الذى لا سبب غيرها الإنسان، فلم يعرف عن مخلوق غير الإنسان أنه السبب، حتى إبليس وجنوده من الشياطين قد يقدرون على فساد النفوس، ولكن ليس لهم القدرة الحقيقية على إحداث الفساد المادى في البر والبحر، فليس للشيطان قدرة على تغيير مناخ الأرض مباشرة، فالشيطان يزين لأوليائه من الإنس تخريب الأرض وعناصرها اللازمة للحياة، ونحن نناقش الفساد المادى للأرض، إنما نعني ما يسمى بلغة اليوم تلوث البيئة، كان لزاما علينا أن نشير إلى مضمون آيات القرآن التي تتحدث عن الفساد والصلاح، باعتبارهما ركنين متناظرين لقضية واحدة. 

وأولا قد وردت مادة كلمة الفساد فى آيات القرآن نحو خمسين موضعا، مشيرة إلى عدة معاني منها صفات المفسدين، ومنها نزعتهم إلى الفساد وعدم الإصلاح، وأن الله لا يحبهم ويلعنهم، وأنهم مفسدون ولكن لا يشعرون، وأن الله عليم بهم، وأن عاقبتهم السوء، وأنهم لا يتساوون مع المصلحين، وأيضا ترد مفردات الكلمة تنهى نهيا قطعيا عن الإفساد في الأرض، كما في قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون” وفي قوله تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” أو كما جاء فى سورة ” وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد فى الأرض” أو كما جاء فى سورة الأعراف ” فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” 

أو كما جاء فى سورة الأعراف ” أخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” أو كما جاء فى سورة هود ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” أو كما جاء فى سورة القصص” ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله يحب المفسدين” أو كما جاء فى سورة العنكبوت ” وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” أو كما جاء فى سورة الشعراء ” ولا تطيعوا أمر المسرفين، الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون”وأرجى آية في كتاب الله تعبر عن حال البيئة اليوم وهي قوله تعالى كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون” حيث يتضح من التدبر في الآية أربعة ملامح رئيسة. 

وهى ظهور الفساد في البر والبحر، وإن سبب ظهور الفساد في البر والبحر هو الناس بما كسبت أيديهم، وإنعكاس آثار الفساد سلبا على الناس، وطريق الإصلاح والعودة إلى الله تعالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى