مقال

إذا استشعرنا حاجتنا إلى رحمات الله ومغفرته ورضوانه

جريدة الاضواء

إذا استشعرنا حاجتنا إلى رحمات الله ومغفرته ورضوانه أغدق الله علينا الفضل وجاد علينا بالكرم‏,‏ فالعطايا الإلهية تستمطر بافتقار القلوب إلى الله تعالى والشعور بالخضوع له سبحانه‏,‏ كما قال موسى عليه السلام‏ :‏ (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ),‏ وكما قال تعالى‏: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ)‏ فافتقار الإنسان إلى الله سبب للاستغناء به عما سواه‏.‏
وقد أمر الله عز وجل عباده بالإنابة إليه‏,‏ ووعد سبحانه وتعالى صاحب القلب المنيب بالجنة فقال‏:‏ (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ).
والإنابة إلى الله تعالى حالة ينبغي للعبد أن يكون عليها مع ربه ، وهى أيضا عند أهل الله تعالى مرحلة من مراحل الطريق إلى الله سبحانه‏.‏ وهذه المرحلة تأتي بعد اليقظة‏,‏ والتوبة‏,‏ والمحاسبة‏,‏ وأصل الإنابة في اللغة يدل على الرجوع‏,‏ وهي تدور في كلام أهل الله على أربعة معان‏:‏ المحبة‏, والخضوع‏,‏ والإقبال على الله‏,‏ والإدبار عما سوى الله‏.
وأعظم ما تتجلى فيه الإنابة في الصلاة‏,‏ ولذلك جعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمود الأمر وأهم شيء فيه‏, فالصلاة دليل الإنابة‏,‏ وهذه الدلالة تظهر في استقبال القبلة‏,‏ فإن ذلك يذكرك بالإقبال على الله وأنت فيها‏,‏ حيث جعل الله لك وجهة تتوجه إليها فلا تصلى إلى أي مكان‏,‏ فالصلاة تلفتك بالإقبال إلى الاستقبال ‏ ،‏ وفي الوقت نفسه وأنت مستقبل القبلة تكون مستدبرا العالم‏,‏ وعندما تقول‏:‏ “الله أكبر” يحرم عليك الكلام والأكل والشرب والعبث واللعب (وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ) يعني ساكتين‏,‏ فكما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم‏: “‏إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس‏,‏ إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن” [أخرجه مسلم].
لقد أشارت الصلاة إلى المحبة بالعطاء‏,‏ وأشارت إلى الخضوع بالسجود‏,‏ وأشارت إلى الإقبال بالاستقبال‏,‏ وأشارت إلى التبري مما سوى الله بالإدبار‏, وهذه هي حقيقة الإنابة‏.
محمود سعيد برغش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى