مقال

الدكروري يكتب عن سوق عظيم يتنافس فيه المتنافسون

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 26 مارس 2024

الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم اما بعد، سائل يقول حافظت على تكبيرة الإحرام جماعة خمسة عشر يوما ثم بسبب معصية قمت بها وهى غيبة لأخ مسلم فاتتنى صلاة الفجر جماعة ولكن قمت بتأديتها فى وقتها ولكن في البيت وكان ذلك فى اليوم السادس عشر من رمضان ولقد سمعت من أحد المشايخ أنه من حافظ على صلاة الجماعة في شهر رمضان كله هو الذي يدرك ليلة القدر. 

فهل بسبب تخلفى عن صلاة الجماعة وقتا واحدا لا أدرك ليلة القدر وإن كان غير ذلك، فبم تدرك ليلة القدر علما بأننى لا أستطيع الاعتكاف لأسباب أمنية؟ فإنه لا شك أن الغيبة من أعظم الكبائر عند الله تعالى وقد نهى عنها فى كتابه العزيز ولذا فيجب على من وقع في غيبة أحد أن يتحلل منه إن أمكن ذلك، وإن لم يستطع التحلل منه بأن خاف ضررا إذا ذكر له أنه كان يغتابه فعليه أن يتوب إليه تعالى، وأن يذكر ما يعرف من محاسن ذلك الشخص فى الأماكن التى كان يذكره فيها بالسوء، وأن يدعو له، ومع أن أجر الصلاة في الجماعة مضاعف، على أجر الصلاة منفردا، وأن حضور صلاة الصبح جماعة بانضمام صلاة العشاء كذلك بمثابة قيام ليلة، فإننا لم نطلع على أن من فاتته صلاة الجماعة في رمضان لا يدرك ليلة القدر. 

لأن ليلة القدر تدرك بقيام ليلها ولما يحصل به قيام ليلة القدر، وعليه فإن فوات صلاة الفجر على السائل المذكور لا يمنعه من مصادفة ليلة القدر إذا كان يطلبها ويتحراها بالعبادة فى رمضان ولا سيما إن كان تخلفه لعذر، ولا يعنى هذا التقليل من شأن المواظبة على صلاة الجماعة مع تكبيرة الإحرام، فها هى أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هى أيام العشر قادمة بعد أيام بين أيدينا لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط فى أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفى فيما مضى، والعشر الأخيرة من شهر رمضان سوق عظيم يتنافس فيه المتنافسون، وموسم يضيق فيه المفرّطون، وامتحان تبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا. 

طالما تحدث الخطباء وأطنب الوعاظ وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالى، ويستجيب لهذا النداء قلوب خالطها الإيمان، فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الراكعين الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، وما ربك بظلام للعبيد، أما الفئة الأخرى فتسمع النداء وكأنه لا يعنيها، وتسمع المؤمنين وهم يصلون في القيام لخالقهم وكأنه ليس لهم حاجة، بل كأنهم قد ضمنوا الجنة، فهل يتأمل الشاردون؟ وهل يعيد الحساب المفرطون؟ فهذه أيام شهركم تتقلص، ولياليه الشريفة تتقضى، شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، هى لأعمالكم خزائن محصنة ومستودعات محفوظة، تدعون يوم القيامة، يوم تجد كل نفس ما عملت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى