منوعات

المصريون القدماء وعلم النفس:

جريدة الاضواء

كتبت سماح إبراهيم 

 وضع المصرى القديم أسس علم الطب وكان الطب عنده يشمل جوانب كثيرة وتعدّدت اختصاصاتها فنجد أطباء مختصين في مجالات طبيّة معينة شأنهم شأن أطباء اليوم، فكان هناك أطباء للعيون، أطباء للقلب، أطباء جلديّة، أطباء توليد، وغيرها من الاختصاصات التي أسهبت برديات كثيرة في وصف العلل والأمراض المتعلّقة بها وقدّمت لها العلاجات والتشخيص المرضي. لهذا كانت مصر رائدة الطب في العالم القديم والتجأت شعوب كثيرة مجاورة إلى طلب أطباء مصريين لتشخيص وعلاج حالات مرضيّة تعسّرت عليهم فأرسل المصريون لمداواة أهل بلاطات الشام وآشور وغيرهم وهذا ما نستدل عليه في الحوليات والسجّلات الأثرية سواء المصرية أو من الأطراف الأجنبيّة.

ومع هذا التنوّع التخصّصي في الطب، كان من البديهي أن يفطن المصري القديم إلى الجانب النفسي للمرضى، ومن بين البرديات التي تناولت التشخيصات النفسّية نجد بردية متشيجان ٥٩٣ التي احتوت على عشرين صفحة لأمراض جسديّة ونفسيّة، حتىّ أنّ الصفحة السابعة عشر والثامنة عشر قد تناولت فيها الأمراض المتعلّقة بالجهاز العصبي المركزي!

على الرغْم من قلّة تناول هذا الموضوع إلّا أنّ وثائق مصريّة عدّة شخّصت وحدّدت مرض انفصام الشخصيّة، حوالي العام ٢٠٠٠ قبل الميلاد، الاكتئاب، الخرف واضطرابات “الفكر”. ومن الأمراض النفسية الأخرى الواردة في تشخيصات البرديات الطبيّة نجد: الهستيريا، المعاقرة، الحزن…

من أِشهر البرديات التي تناولت الجوانب النفسية للمريض، بردية إيبرس وبردية إدوين سميث، وهذه الأخيرة مهمّة جدا لكونّها تصف ولأوّل، مرّة في التاريخ البشري، الدماغ بأنّه محاط بغشاء وأنّ نصفيه مصمّمان بالتلافيف.

أدرك قدماء المصريين أن الدماغ هو موضع الوظائف العقلية. وشددوا على أهمية تقييم حالة الوعي والذاكرة في جميع الفحوص الروتينية. تم التعبير عن حالة الوعي بشكل شائع في العبارات التالية التي تبدو قابلة للمقارنة إلى حد ما مع الطريقة التي يتم بها تقييم تركيز وانتباه المريض ووصفه في الفحوص السريرية الحالية:

• هلاك العقل (إب) [إيبرس ٨٥٥]

• العقل (إب) هو النسيان مثل الشخص الذي يفكّر في شيء آخر [إيبرس ٨٥٥]

• العقل الزائل [إيبرس ٢٧٧]

• ذهب عقله [إيبرس ٢٧٧]

• يصعب عليه سماع الكلمة المنطوقة [إدوين سميث ٢١]

من الجدير بالاهتمام هو ممارسة المصري القديم لما يعرف في علم النفس اليوم بعبارة “الإبطال” (Undoing)، وهو أن يقنع الشخص ذاتها سواء عبر ترديد كلمات أو توارد أفكار تتعلق بأنّه سيشفى من تلقاء نفسه، وهو نوع من تأكيد الذات. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى