مقال

كيف نختم رمضان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كيف نختم رمضان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 6 إبريل 2024

الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أي الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق، اعلم أنه إذا نظرت للحياة بروح مبتسمة حتما ستجدها مثيرة للاهتمام، وتصبح الحياة ذات معنى حينما نجد شيئا نكافح من أجله ونسعى بشغف للوصول إليه، فلا تمضوا في طريق اليأس، ففي الكون آمال، ولا تتجهوا نحو الظلمات، ففي الكون شموس، ولا تجادل بليغا ولا سفيها، فالبليغ يغلبك، والسفيه يؤذيك، إنه كل ميسر لما خلف له، فإن أهل السعادة فيُيسرن لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيسرون لعمل أهل الشقاوة.

فالمبادرة المبادرة، إلى اغتنام العمل فيما بقي من الشهر، فعسى أن تدرك ما فات من ضياع العمر، فإن الصيام وسائر الأعمال من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين، إذا كان الويل لمن طفف ميكال الدنيا فكيف حال من طفف ميكال الدين؟ فيا أيها العاصي وكلنا كذلك لا تقنط من رحمة الله لسوء أفعالك، فكم في هذه الأيام من معتق من النار، من أمثالك؟ فأحسن الظن بمولاك وتب إليه، فإنه لا يهلك على الله إلا هالك، والاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، فتختم به الصلاة والحج وقيام الليل، وتختم به المجالس، فإن كانت ذكرا، كان كالطابع عليها، وإن كانت لغوا كان كفارة لها فكذلك ينبغي أن يُختم صيام رمضان بالاستغفار، فكتب عمر بن عبدالعزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم رمضان بالاستغفار.

والصدقة، صدقة الفطر فإن صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث، ولقد رحل رمضان ورحيله مر على الجميع، الفائزين والخاسرين، الرحيل مر على الفائزين لأنهم فقدوا أياما ممتعة، وليالي جميلة، نهارها صدقة وصيام، وليلها قراءة وقيام، نسيمها الذكر والدعاء، وطيبها الدموع والبكاء، شعروا بمرارة الفراق فأرسلوا العبرات والآهات، كيف لا وهو شهر الرحمات، وتكفير السيئات، وإقالة العثرات؟ كيف لا والدعاء فيه مسموع، والضر مدفوع، والخير مجموع؟ كيف لا نبكي على رحيله ونحن لا نعلم أمن المقبولين نحن أم من المطرودين؟ كيف لا نبكي على رحيله ونحن لا ندري أيعود ونحن في الوجود أم في اللحود؟

فإن الفائزون من خشية ربهم مشفقون نعم، هم فائزون ولكنهم من خشية ربهم مشفقون، على رغم أنهم في نهاره في صيام وقراءة قرآن وإطعام وإحسان، وفي ليله سجود وركوع وبكاء وخشوع، وفي الغروب والأسحار تسبيح وتهليل وذكر واستغفار، فإن الفائزون شمروا عن سواعد الجد، فاجتهدوا واستغفروا وأنابوا ورجعوا، ما تركوا بابا من أبواب الخير إلا ولجوه، ولكن مع ذلك كله، قلوبهم وجلة خائفة بعد رمضان، أقبلت أعمالهم أم لا؟ أكانت خالصة لله أم لا؟ أكانت على الوجه الذي ينبغي أم لا؟ وفقنا الله وإياك لكل خير، وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى