مقال

فضل الله علي بني الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فضل الله علي بني الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد إن من فضل الله علينا أن وهبنا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة وهذه الذنوب التي يكفرها صيام يوم عاشوراء هي الذنوب الصغائر فقط، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة وقبولها كما أشار إلى ذلك العلماء المحققون كابن تيمية وغيره رحمة الله على الجميع.

واستمعوا إلى الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله وهو يحذر ممن يتصور أن صيام عرفة وعاشوراء كاف في النجاة والمغفرة حيث يقول رحمه الله لم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة وعاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينها إذا اجتنبت الكبائر، فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر، إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر، ومن المغرورين من يظن أن طاعته أكثر من معاصيه لأنه لا يحاسب نفسه على سيئاته ولا يتفقد ذنوبه، وإذا عمل طاعته حفظها واعتبرها، كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح الله في اليوم مائة مرة ، ثم يغتاب المسلمين ويمزق أعراضهم ويتكلم بما لا يرضاه الله طول نهاره، فهذا أبدا يتأمل في فضائل التسبيحات والتهليلات.

ولا يلتفت إلى ما ورد من عقوبة المغتابين والكذابين والنمامين إلى غير ذلك من آفات اللسان وذلك من محض غرور، وأما مراتب صيام عاشوراء فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، وثبت عنه أنه قال لئن بقيت إلى قابل لأصوم من التاسع” رواه مسلم، فنحمد الله عز وجل أن هدانا للصراط المستقيم ووفقنا للمنهج القويم ولاتباع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نتعامل مع المصائب والأحزان من مبدأ شعاره “إن أمر المؤمن كله له خير” وليست الأحداث المحزنة تقعدنا عن العمل الجاد المثمر، أو تدفعنا للجلوس في مآتم جنونية، تسحق فيها العقول، وتهدر فيها كرامة المسلم، وتشوه فيها سمعة الإسلام، فإن يوم عاشوراء يوم عز ونصر وفرح وبشر لأنه يوم تدفعنا مآثره إلى استشعار العزة والشعور بالأمل والترقب للنصر، هو يوم يقول عنه الله تعالى.

” إن العاقبة للمتقين” ويقول عنه سبحانه ” إنه لا يفلح الظالمون” ولقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه، ولقد جعل الله في تصرم الأيام والليالي عبرة وآية لكل معتبر وأودع في أيام العام ولياليه خيرا كثيرا لمن تلمسها، وخلق كل شيء فقدره تقديرا، جل في علاه من إلاه عليم خبير، ولقد شاء الله تعالى أن ينقل عباده بين موسم طاعاته، ويفتح لهم أبواب فضله، وأغدق عليهم بآلائه ومننه، فمع رحيل عام وبداية عام جديد، موسم للمغفرة والرحمات والعفو عن الزلات، وقد وسّع الله لعباده أبواب المغفرة والرحمة في نهاية العام وأوله، فشرع سبحانه لعباده مواسم عشر ذي الحجة في ختام العام ففتح فيها عباده كلهم حجاجا وغير حجاج أبواب الرحمات، ويرجى لمن صام يوم عرفة أن يغفر الله له ذنوب عامين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى